منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

منتدى متولي إبراهيم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى متولي إبراهيم صالح

بحوث في الدين والسياسة


3 مشترك

    د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه

    متولي إبراهيم
    متولي إبراهيم
    رئيس الصفحة
    رئيس الصفحة


    المساهمات : 108
    تاريخ التسجيل : 05/10/2011

    د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه Empty د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه

    مُساهمة من طرف متولي إبراهيم السبت ديسمبر 08, 2012 2:19 am

    د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه
    فضيلة الشيخ الدكتور علي بن سعيد بن علي الحجاج الغامدي الأستاذ بكلية الشريعة بالرياض ثم بكلية الدعوة والإعلام بالمدينة المنورة والمدرس بالمسجد النبوي الشريف سابقا والمتفرغ للعلم حاليا ، قد رد على مقال لي نشرتة جريدة اليوم السابع في 27 و 28/8/2012 بعنوان "الإسلام والديمقراطية والعَلمانية والليبرالية والمدنية والدينية أتناقض أم توافق ؟ رؤية لأزهري" برسالة من بريده الإلكتروني بتاريخ 15/9/2012 نصها : (السلام عليكم الشيخ متولي صالح وصلت رسالتك وإن شاء الله يتم الرد عليها قريبا) . ولكني ورغم مضي مائة يوم لم يصلني رد لا منه ولا من غيره حتى الآن .
    لقد عذر الله الضالين المتمسكين بما عليه آباؤهم طالما لم يأتهم ما هو أهدى منه إذ قال عز وجل وعلا : ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ [43/الزخرف 23و24])
    وإني لباق على ما أنا عليه ، وإن الله لعاذر لي طالما لم يأتني ما هو أهدى مما أنا عليه ، فأتوني بأهدى مما أنا عليه إن كنتم حقا علماء ربانيين أصحاب رسالة غايتها هداية العالمين وإنقاذهم من نار جهنم يوم الدين واللهم قد بلغت ببنان يدي ودمع عيني ولوعة فؤادي ، ولن أعبد إلا إياك ، ولن أشهد بعصمة غير نبيك , فاشهد اللهم علينا وافتح اللهم بالحق بيننا فأنت خير الفاتحين .
    حرره في 6/12/2012 بالقاهرة حائزا لبراهينه مفصلة لمن يطلبها على منتداه www .al7k .forumegypt .net متولي إبراهيم صالح هاتف 01227972399 أزهري حصل من جامعة الأزهر على ليسانس الشريعة والقانون وليسانس اللغة العربية وبكالوريوس الهندسة ودرس علوم القرآن الكريم والقراءات القرآنية في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وتتلمذ في علوم الحديث النبوي الشريف على يدي شيخ السلفيين في العالم كله اليومَ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، ولا يقلد أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا دليل ، لا سيبويهِ في النحو ، ولا الشافعيَّ في الفقه ، ولا البخاريَّ في التصحيح أو التضعيف ، ولا يعبد من دون الله آلهة أخرى ، لا التوثيق المطلق بالسبر الجزئي بلا دليل ، ولا عنعنات بعض المدلسين في كل الكتب بلا دليل ، ولا عنعنات كل المدلسين في بعض الكتب بلا دليل ، تلك الآلهة التي من خلالها ألصق بالإسلام ما ليس منه ، فانصد الناس ولا يزالون حتى اليومِ منصدين عنه مرعوبين منه ، ولكن أكثر علمائنا لا يشعرون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
    avatar
    عبيد سالم متولي


    المساهمات : 1
    تاريخ التسجيل : 10/09/2013

    د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه Empty رد: د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه

    مُساهمة من طرف عبيد سالم متولي الأربعاء سبتمبر 11, 2013 11:37 am

    الدولة المدنية والديمقراطية، والإسلام – سعيد فوده
    تحليل نظريّ
     الديمقراطية كما ورد في الموسوعة السياسية للكيالي: (نظام سياسي اجتماعي يقيم العلاقة بين أفراد المجتمع والدولة وفق مبدأي المساواة بين المواطنين ومشاركتهم الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة).
    وأساس هذه النظرة هو المبدأ القائل بأن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر الشرعية، وبالتالي فإن الحكومة مسؤولة أمام ممثلي المواطنين، وهي رهن إرادتهم.
    فالمقصود في النهاية تحقيق: (حكم الشعب لصالح الشعب بواسطة الشعب).
    فالنظام الديمقراطيّ إذن يشتمل على أركان:
    الأول: أن يكون الحكم لصالح الشعب، بحيث ترجع ثرواته ومنافعه المادية والمعنوية إليه دون غيره، أو لطائفة معينة منه تستأثر بها، وهذا لا نزاع فيه.
    الثاني: أن يكون الحكم التنفيذي وإدارة البلاد من أبناء الشعب وبناء على إشرافهم بطريقة أو أخرى، وهذا أيضًا لا نزاع فيه، إذ هو الضامن الأعظم لتنفيذ الأمر السابق.
    والثالث: أن يكون إثبات الأحكام مستمدًا من الشعب. وهذا الأمر الذي ينبغي الوقوف عنده قليلاً. ولنضع تحت الشعب خطوطًا، فإنه قد يكون متآلفًا متَّبعًا لدين واحد، وقد لا يكون، وقد تكون أغلبيته تابعة لدين أو مبدأ وقد لا تكون هناك أغلبية مطلقة دائماً في الشعب المعين. وعلى ذلك فلنا أن نتصور أن الأحكام الصادرة عن الشعب في لحظة معينة، أو في فترة تاريخية معينة، قد تكون موافقة لدين أو مبدأ، وقد لا تكون، ولكن على كل الأحوال، لا بدّ أن تكون الأحكام المحكَّمة في الدولة الديمقراطية، ناشئة من الشعب نفسه. فإن كان الشعب كلُّه تابعًا للمبدأ الذي تستمد منه الأحكام، سواء كان ذلك المبدأ دينًا سماويًّا أو غيره، فلنا أن نتوقع أنه يختار الأحكام المنسوبة لذلك المبدأ. وكذلك لنا أن نتصور أيضًا هذه الحالة عند كون الأغلبية تابعة لمبدأ معين، مع تفاوت بين هذه الحالة والسابقة، في تمكين الأحكام، من حيث الاختيار الشعبي لها، والتصويت، فالحالة الأولى نتوقع فيها أن يكون التصويت أكثريًّا أو كليًّا، ولكنه في الحالة الثانية ستصبح الأغلبية أقل، والإلزام أضعف.
    وأمَّا إذا كان التفاوت بين أطياف الشعب كبيرًا، فلنا أن نتوقع استبعاد اختيار الأحكام التابعة لمبدأ معين دون غيره، لأنه لا يوجد رجحان غالب لمبدأ على آخر بين الشعب، فسيكون التصويت والاختيار تابعا كذلك للنسب الواقعة بين الناس.
    وسيقع أفراد ذلك الشعب عندئذ تحت غائلة الاضطرابات، لأن كل طائفة أو فئة ستحاول شدَّ الأحكام إلى مبدأها، ناشئة عنه، أو محترمة إياه على أقل تقدير، وعندئذ لن يملك الجميع إذا أرادوا السعي إلى الاستقرار في المجتمع، إلا أن يجيزوا جميع الأحكام، أو يلفقون الأحكام حسبما يرتأون من هنا ومن هناك بلا جامع ولا وحدة موضوعية ولا منشأ مطرد. وهذا يستلزم الاضطراب في المجتمع، في أغلب الأحوال، وقد يصلون إلى حالة يقتنعون فيها بضرورة التخلي عن مميزاتهم وعدم إدخالها في إدارة البلاد والعباد، وهو الحالة البراغماتية المطلقة، وتمثل سقوط اعتبار المبادئ، ومن بينها الأديان في الأمور العامة.
    وبناء على هذه الاحتمالات لا بد من مناقشة الحالات الممكنة:
    الحالة الأولى: حالة كون كل أفراد المجتمع تابعين لمبدأ معين، مريدين له، ولما ينشأ عنه من أحكام. وهذه الحالة تكاد تكون غير واقعة بالمرة في أي بلد من البلدان في العالم أجمع، لأنه ما من بلد إلا وتوجد فيه تيارات فكرية متلونة مختلفة بنسب متغيرة. ولن نقف كثيرا عند هذه الحالة، فإنها تكاد تكون غير واقعة. والمآل فيها واضح.
    ولكن لا بدَّ من أن نشير إلى أنه في هذه الحال، لو فرضنا الشعب قاطبة اختار الدستور، والأحكام التابعة والناشئة للدين المعين الذي يتبعونه، وأجمعوا على ذلك، فلا بدَّ من ملاحظة أن هذا الإجماع على الحكم بالأحكام الناشئة عن هذا المبدأ أو الدين دون غيره، مشروط بدوامه، أي ما دام الإجماع قائما، فإن هذا التحكيم يدوم، ودوام الإجماع مشروط بدوام الحالة التي فرضناها، وما ثم ضامن لدوام تلك الحالة كما هي، بل إن قوانين الاجتماع والسياسات الدولية تستلزم عدم دوامها، خصوصًا مع التدخلات الأجنبية التي يهمها عدم بقاء الوضع مستقرا في بعض الدول.

    الحالة الثانية: حالة وجود الأغلبية تابعة لمبدأ معين (وهذه الحالة حاصلة بالفعل في غير بلد من البلدان).
    إن النتيجة التي لزمت في الحالة الأولى تلزم هنا، بفارق واحد، وهو أن درجة الإلزام والالتزام بالأحكام الناشئة عن ذاك المبدأ تكون هنا أخف وأضعف، وذلك عائد إلى أن أفراد الشعب غير مجمعين بالكلية على التحكيم المذكور، لوجود أقليات لا ترغب بهذا النوع من الأحكام، وسوف تناضل، كما يكفله لها الدستور الديمقراطي، لأجل أن تتيح مجالا لاعتبار الأحكام التي تريدها هي، إن لم تكن هي المحكمة، فلا أقل من أن تكون تلك الأحكام جائزة معتبرة في الدولة، من ناحية قانونية.
    وسوف تنشأ في هذه الحالة إشكاليات كثيرة من حيث إن بعض الأحكام والقوانين التي تريدها الأقليات قد لا ترغب بها الأكثرية، وقد تراها متسببة في اضطراب النسق الاجتماعي الذي تخدمه أحكام الأغلبية، وهكذا قد ينشأ تضارب بين الأقليات والأكثرية الغالبة، مما يتسبب ذلك إلى زيادة عدم التناسق الاجتماعي.
    وزيادة على ذلك، فلا ضامن من بقاء تلك الأغلبية أغلبية بالفعل، فبمجرد أن تضمحل أغلبيتها بظهور قوى أخرى مقاومة لها في المجتمع، وخصوصًا بعد أن يثبت عدم قدرتها على إدارة المجتمع بما فيه صلاح ومنفعة جميع أطيافه، سوف تسعى هذه القوى الناشئة إلى تغيير تلك الأحكام، وسيكون ذلك من حقها، بل قد يكون من حقها تغيير بعض المبادئ الدستورية أيضًا. وبذلك سوف يظل المجتمع في تضارب وتصارع حقيقي، إلا إذا تنازلت الأطراف عن المميزات والخصائص التي تعتقد أنها تتميز بها عن غيرها، وذلك كله في سبيل التوافق الاجتماعي القائم فقط في هذه الحالة على المنافع الدنيوية الآنية، وهو الأمر الوحيد المؤهل لأن يكون جامعًا للأطراف المختلفة.
    ولكن بفرض هذه الحالة، وهي التنازل عن المميزات والخصائص للأديان والمبادئ، سوف تنهار النظم والمبادئ فعليًّا، وسوف تنشأ حركات فكرية بعضها يزعم عدم فائدة تلك المبادي، أو بطلانها، وبعضها يزعم أن من حقه إعادة تفسر المبادي والأديان بطريقة جديدة توافق العصر الذي نعيش فيه، وجميع هذه الصور تستلزم بالضرورة زوال المبادي عن حقائقها وظهور مبادئ أخرى، وتستلزم انحراف الأديان عن حقيقتها، وظهورها في صور جديدة لم يعرفها المتقدمون في الأصول وفي الفروع.

    الحالة الثالثة: أن تكون التيارات والتوجهات الحاصلة في المجتمع متكافئة متقاربة في القوة، فلا توجد أغلبية مطلقة، دائمة، بل إن الأحوال متغيرة، لا تكاد تقف عند وضع.
    إن الذي يحصل في الحالة السابقة مآلا، يحصل في هذه الحالة ابتداءً، فإن فرضنا عدم قدرة طرف من الأطراف على تحصيل الأغلبية التي تستطيع فرض أحكامها التي ترتئيه على المجتمع، بالأسلوب الديمقراطي، فإن جميع الأطراف سوف تلجأ إلى طريقة توافقية جدًّا، وهي التنازل مسبقا عن كثير من الأحكام التي هي من خصائصها، واعتماد نسق التلفيق، أو نسق لا يتميز بأي من مميزات دين معين أو مبدأ أيديولوجي معين، ونحن لا نتصور واقعًا لهذه الحالة إلا أن تكون المنافع الدنيوية هي الحاكم الأكبر في وضع الأحكام. وسوف يضطر الجميع إلى جعل خصائص الأديان ومميزاتها، التي بها تتميز ماهياتها، من الشؤون الخاصة المتعلقة بالأفراد أو بالجماعات بشرط عدم جواز مطالبة الآخرين بها، ولا إلزامهم بمقتضاها، ولو على سبيل النصح. هذه هي الأحوال الممكنة واقعيا بناء على الأسس الديمقراطية، ونتائجها اللازمة فعليًّا بحسب اعتبار القوانين الاجتماعية.
    ولذلك فإن الباحث الصادق يعرف تماما الإشكاليات التي سوف يواجهها من اتخاذ الديمقراطية طريقة ومنهاجًا ومبدأ لحكم الشعوب.  
    الإسلام والديمقراطية
    إن من الأسس الواضحة في الشريعة الإسلامية، أن سلطة إنشاء الأحكام لا تكون إلا للشارع، وهو الله تعالى، والمبلغ عنه وهو الرسول المعصوم عليه السلام.

    والمقصود بالأحكام أصالة ليس تنزيل الحكم على واقعة بعينها، بل تعيين الحكم للأفعال الإنسانية، لا من حيث ما صادقتها بل من حيث مفاهيمها، أعني أن يقول الشارع إن حكم الفعل الفلاني نحو أكل الميتة حرام في حالة عدم الضرورة، جائز بقدر الحاجة في حالة الضرورة إليه. وهذا الحكم عامّ شامل لكل ما يصدق عليه هذا الفعل في الأوقات والأمكنة والأشخاص.
    أمَّا تنزيل الحكم المعين على واقعة معينة ظاهرًا كان هذا التنزيل أو خفيًّا محتملا للخلاف، فهو من باب الإفتاء، لا من باب التشريع، وإن انضم إلى الإفتاء إلزام بمقتضى السلطة التنفيذية فإنه يصبح قضاءً.
    والمقصود من إنشاء الأحكام ليس الإفتاء، ولا القضاء، بل المعنى الأول المذكور.
    فإن اتفقنا على أن الإسلام صرح بأنه لا حكم إلا لله تعالى، بهذا المعنى من الحاكمية، فإننا سنرى هناك تعارضا ظاهرا بين الديمقراطية وبين الإسلام من هذا الباب. وبيان ذلك كما يأتي:
    الدولة تشتمل على سلطات ثلاث كما هو المشهور:
    ١-السلطة التنفيذية.
    ٢-السلطة التشريعية.
    ٣-السلطة القضائية.
    فالسلطة التنفيذية رأسها الخليفة، أو الحاكم بالإسلام، قاصدًا هذا الحكم. وقد استقر عند أهل السنة على أنه لا نص ظاهرًا على تعيين الحاكم للمسلمين، ولا يتوقف تعيينه على نصٍّ من الشارع، بل يتوقف أصالة على اختيار أهل الحل والعقد له، في الحالات العادية، وفي حالات خاصة، على تولي بعض المتأهلين لذلك المنصب قهراً وقيامه بأركانه العامة، والتزامه بذلك، فأجازوه للضرورة.
    ولا نلتفت إلى رأي الشيعة الخاص بالإمامة، فهم يقولون إن الإمام لا يصح تنصيبه إلا بنص من الشارع إمَّا نصا خفيا أو جلياً. فإن محققي أهل السنة تكفلوا بالرد عليهم، وإدحاض حججهم التي تعلقوا بها في هذا المقام.

    وأمَّا السلطة القضائية، فلا يتوقف تعيين القاضي على أن يعينه الشارع كما لا يخفى أيضًا، بل تعيين القاضي يكون لمعايير تابعة لتأهله، ولاختياره من قبل السلطة التنفيذية. وتوليه القضاء.
    وأمَّا السلطة التشريعية، فإنها الموكلة في الديمقراطية بإنشاء الأحكام، ومهما اختاروا حكما من الأحكام المتعلقة بالأفعال الإنسانية، فعلى الجميع الخضوع لهذا الحكم. ومنشأ إيجاب الخضوع له، أن الديمقراطية مبدأً، توجب إلزام الجميع بالأحكام الصادرة عن السلطة التشريعية (نيابة أو بدون نيابة). وأمَّا الإسلام، فإن الأحكام لا بدَّ لكي تأخذ اعتبارها في الدولة الإسلامية، أن تكون ناشئة إما قطعا أو ظناً من المصادر المعتبرة للأحكام الشرعية، وهي الكتاب والسنة وما بني عليهما من دلائل خاصة وعامة. وما لا يكون كذلك، فلا اعتبار له، ولا يجوز أخذه حكماً في دولة الإسلام. وذلك بغض النظر أراده أفراد الشعب أو لم يريدوه.

    ولا يتعارض ما قررناه هنا من أن الإسلام قد ترك لأصحاب الأديان المختلفة المعتبرة أن يرجعوا إلى أحكامهم في بعض الأمور التي لا تعارض النسق الإسلامي العام ولا يتسبب أخذها منهم في إنشاء الاضطرابات داخل الدولة الإسلامية، فلذلك ترك للنصارى الأخذ بأحكامهم الخاصة، ولليهود كذلك.

    ومما لا يقبل الجدال أن هناك تعارضًا بين مبدأ الديمقراطية وبين الإسلام في إنشاء الأحكام، حيث إنَّ الديمقراطية تحيل الإنشاء لمجلس النواب، فإن تغير المجلس فللأحكام أن تتغير تبعًا لاختياراتهم غير المقيدة دستورًا بالأحكام الإسلامية، أمَّا الإسلام فلا يجيز ذلك كما ذكرنا.وبقدر وضوح هذا الأمر، فإن كثيرًا من الإسلاميين يدعون في هذا الزمان عدم وجود تعارض جوهري بين الديمقراطية وبين الإسلام، ويلجؤون إلى أن يطوعوا الشريعة أحيانًا، أو أن يعتمدوا على تلفيقات تأويلية معتمدة على ما هو واقع الآن فقط، كما سنشير إلى بعض مسالكهم غير المرضية علميًا. ولوضوح الافتراق بين طريقة الحكم في الإسلام وفي الديمقراطية، فقد أعلن أصحاب الموسوعة السياسية أنه: "بالنسبة لنظام الحكم في الإسلام، فإنه على الرغم من مناداته بالتآلف والعدل الاجتماعي واعتماد قاعدة الشورى في الحكم، فإنه لا يندرج عامة تحت تصنيف الأنظمة الديمقراطية، إذ إنه حالة مميزة عن أنظمة الحكم الأخرى".
    والأمر كما قلنا واضح لا يحتاج إلى إعلان.
    والمميز في الإسلام: أنه بالنظر إلى إنشاء الأحكام، فلا مرجعية فيه إلا إلى الشريعة، فتؤخذ الأحكام منها إمَّا قطعًا عندما تكون الأحكام مقطوعًا بها، أو ظنًّا عندما تحتاج إلى نظر وتعتمد على الاجتهاد، ولا يحل لمجتهد أن ينسب إلى الشريعة حكمًا إلا بناء على دليل ظاهر معتمد، فإن تبين أن هذا المجتهد أخطأ في اجتهاده، وظنَّ الدليل راجحًا، وهو في نفس الأمر بعد التنقيح والمراجعة، غيرُ راجح، فإنه لا يجوز اعتماد رأي هذا المجتهد أصلاً، فلا عبرة بالرأي البين خطؤه. ففي إدراك الأحكام إحالة إلى المجتهدين، ولكن بضوابط وأدلة شرعية معتبرة، فليست كل الأحكام الشرعية متفقًا عليها في الدين، ولا مقطوعًا بها، ولكن ينبغي مع ذلك أن يكون طريق إدراك الأحكام مضبوطًا بالضوابط والأدلة الإسلامية المعتبرة.

    وأمَّا في السلطتين التنفيذية والقضائية، فقد أحالت الشريعة إدارتهما إلى البشر، فالقاضي وظيفته الأساسية من حيث هو قاضٍ أن ينزِّلَ الحكم الشرعيّ، على الواقعة المعينة التي تعرض عليه على سبيل الإلزام المفوض إليه من السلطة التنفيذية الخاصة، وطريقة تنزيله عليها، والحكم به عليها، إمَّا الاجتهاد المباشر، أو التقليد، وأعني بالاجتهاد المباشر، أن يكون القاضي مجتهدًا سُلِّم له الاجتهاد، في استنباط الحكم الشرعيّ، فله في هذه الحال أن يجتهد في استنباط الحكم الشرعي من حيث هو مجتهد، لا من حيث هو قاض، ثم له بعد ذلك أن ينزل حكمه الملزم به على الواقعة المعينة من حيث هو قاضٍ لا من حيث هو مجتهد.
    فلا نرى داعيًا للخلاف أو في عزو الخلاف إلى أحد معتبر في هذين الشقين، بأن يقال: إن أهل السنة يقولون إن تنفيذ الأحكام من هاتين الجهتين يتوقف على نصٍّ خاصٍّ من الشارع، فإن نسبة ذلك لأهل السنة كذبٌ عليهم، وقصد للتشغيب؛ لإدخال الباطل ودس التحريف على الناس، بل الخلاف الأصيل راجع للجهة التشريعية، وحاصلها أن إنشاء الأحكام بالمعنى الموضح، هل يحق للناس غير المعصومين؟ أم أن هذا لا يحق إلا لله تعالى ولمن بلغ عنه أو فوَّضه –على رأيٍ- من أنبيائه عليهم السلام.
    ولذلك فإذا قيل: إن الدولة في الإسلام مدنية، بمعنى أنها تركت تنفيذ أحكامه وكيفية ذلك، والقضاء في الأحكام بالوسائل التي يرتؤونها إلى الناس من المكلفين، فهذا أمر منصوص عليه في الأغلب، على الأقل عند أهل السنة وعند أكثر الفرق الإسلامية، لا نستثني منها إلا الشيعة القائلين بالنص الإلهي ومن تبعهم في ذلك، ولا داعي للتنازع فيه أصلاً، ولذلك قرروا أن إقامة الخليفة أو الإمام واجب على الناس، والقضاء بمعنى تنزيل الأحكام الملزمة واجب على الناس بمقتضى وجود ولي الأمر المعتبر شرعًا وتوكيله القاضي، أو برضا جماعة الناس لذلك، لا على الله تعالى.
    فالإسلام يحيل إدارة الشؤون إلى الناس، ويكلفهم بذلك تكليفًا واضحًا لا لبس فيه، ولا غرر، ويشترط عليهم أن تكون الأحكام التي يديرون عليها التنفيذ والقضاء مأخوذة من الإسلام نفسه، لا من عند أنفسهم، ولا بمجرد التصويت في المجالس المنتخبة بمقتضى الأغلبية.
    فالإسلام من هذه الجهة، مدنيٌّ، لا شك في ذلك، وهو إنسانيّ لا ريب في ذلك أيضاً. ولكن إنشاء الأحكام لا بدَّ فيها من الرجوع إلى الأوامر الإلهية، وتكون ناشئة عنها إمَّا قطعًا أو ظنًّا معتبراً بحسب الأدلة الثابتة التي لم يتبين خطأها، وهذا لا ريب فيه أيضا عند أهل العلم المعتبرين في الإسلام.

    جمع المحدثين بين الديمقراطية والإسلام
    إذا عرفنا الخاصية التي تختص بها الديمقراطية عن الإسلام، وعرفنا خاصية الإسلام عنها. وعرفنا أن بعض المعاصرين من الإسلاميين يزعمون أن ليس هناك تعارض بين الديمقراطية وبين الإسلام! فكيف يمكن أن يتصرفوا لكي يحققوا زعمهم هذا؟

    هل التوفيق النظري ممكن؟
    من الناحية النظرية، لا طريقة لدعوى التوفيق بين المبدأين إلا بإحدى طريقتين:
     الطريقة الأولى: إعادة تأويل الإسلام، بحيث يصير قريبًا من الطرف الآخر.
    وذلك بأن يقال: الإسلام لا يتعارض مع كون الشعب هو المنشئ للأحكام! وهذا الزعم لا يتمُّ لهم إلا بالقول بأن الأحكام التي جاء بها الإسلام تاريخيّة، بمعنى أنها لا تتعلق بالمكلفين إلا في ظرف تاريخي أو مكاني معينين دون سواهما، وهذا هو الزعم الذي تعلق به بعض الملاحدة من العلمانيين، وتأثر به من تأثر من ضعفة المسلمين. وهذا القول على إطلاقه كفرٌ بالإسلام وخروج من ربقته، حتى وإن زعم هؤلاء أن حكم الكفر تاريخيٌّ مقيد بزمان وظروف معينة لا يتعداها إلى غيرها أيضًا!
    ومن البين أن العمل على تأويل الإسلام بهذه الطريقة أو بما يقاربها، مما يحقق مقصد تحكيم غير الله تعالى وجعله منشئا للأحكام، لن يتمَّ قبوله على المستوى العلميّ الدقيق من المسلمين إلا بأن يخرجوا من إسلامهم، أو أن تعاد صياغة مفاهيمهم عن الإسلام بحيث يرون معتقدين أن هذا الوصف للإسلام وصف صحيح مطابق. وهو الأمر الذي يعمل على تحقيقه اتجاهات مختلفة.
    وقد يقوم بهذه الطريقة من تحريف الإسلام ويمارسها بعضُ من سفه نفسَه من الإسلاميين.
    الثانية: إعادة تأويل الديمقراطية، بحيث تبدو قريبة من الإسلام.
    وهذه الطريقة يقوم بها الإسلاميون ممن استخفوا قومهم، وخافوا إعلان حقيقة الإسلام، أو تستروا بأن الواقع الحالي لا يماشيه الإعلان عن حقيقة الإسلام، وذلك بعد عجزهم عن معارضة الفارق الذي بيناه، فعكفوا على إعادة تأويل الديمقراطية، بما يصحح لهم إعلان عملهم بها ولو لفظيًا، ظانين أنهم يخدعون بهذه الطريقة الملتوية أعداء الإسلام، غافلين عما يسببه ذلك من التباس المفاهيم على أبناء الإسلام، وعما يفتحه من منافذ للعلمانيين المصرحين بحرصهم على إعادة قراءة! أي تحريف الإسلام بما يقربه إلى الإلحاد في حقيقته وإن أبقوا له الاسم!
    فشرع هؤلاء في الزعم بأن الديمقراطية ليست سوى الآليات التي يتم بها تنفيذ الأحكام. أمَّا كون الأحكام ناشئة من الشعب (مباشرة أو بواسطة نواب) فيدعون أن ذلك ليس من أصل الديمقراطية وجوهرها، بحيث يلزم أنها إن كانت ناشئة من الدين نفسه خردنا عن ربقة الديمقراطية. ولذلك طرحوا مفهومًا جديدًا للدولة الإسلامية فقالوا ما حاصله: هي دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية.
    وأعادوا تعريف الدولة المدنية، فقالوا ما حاصله: هي الدولة التي يقوم على تنفيذ الوظائف العامة المدبرة لثروات الشعب ومصالحه الكلية فيها أناس يختارهم الشعب لمصلحة الشعب.
    يريدون بذلك تجنب مسألة نشأة الأحكام، والتغافل عن ضرورة كون الأحكام في الدولة المدنية نابعة من الشعب نفسه بطريقة ديمقراطية كما بينا، ومتغافلين عن أن الذين أنشأوا هذه المفاهيم يتبعون فلسفات دنيوية معينة، ولن ينخدعوا بهذه التعريفات المشوهة للمفاهيم الذين هم أخبر وأعرفُ بها من غيرهم.
    فالسؤال الذي سيتم طرحه على هذه الطائفة من الإسلاميين، وسيواجهون منه حرجا عظيمـًا: ما منشأ الأحكام في هذه الدولة المدنية؟ فإن قالوا: هو الإسلام، فسيقال لهم: أنتم إذن تريدون دولة إسلامية، لا دولة ديمقراطية، وسيواجهون بالتشنيعات من الطوائف والتيارات التابعة للعلمانية والدول الغربية، يحرضونهم على التشنيع على الإسلاميين، بحجج كثيرة: منها التفرد بالسلطة، والتحجير على الآخرين، والحد من الحريات...الخ.
    وسيضطر الإسلاميون عن قرب أو بعد ما داموا حريصين على هذه اللعبة إلى التسليم لهم إمَّا نظريًّا، وهو أمر في غاية الخطورة كما هو بيِّنٌ، أو عمليًّا، كما سنبينه، وسيقعون في إحراجات ومخالفات للشريعة الإسلامية أيضًا.
    طريقة التوفيق العمليِّ بين الأمرين:
    سيضطر كثير من الإسلاميين الذين لن يجرؤوا على إعلان انفكاكِهم عن أحكام الإسلام وأصوله جزئيا أو كلياً، في حقيقة الأمر، أو عجزِهم عن التوفيق العلميِّ بين هاتين الطريقتين المتعارضتين إلى الطريقة العملية التلفيقية الساذجة، والتي سيقتنع بها كثير من أتباعهم، وذلك بسبب الروح الكلية السارية في الزمان المعاصر، التي تطمح إلى تجاوز كثير من التنظيرات العلمية الواقفة أمام ما يبتغونه من تفلت أو حرية وانفكاك عن الأحكام والرؤى التي يسمونها تقليدية، وما ذلك إلا لقصور نظرهم عن لوازمها الخطيرة، أو قبولاً باطنياً منهم لذلك وهو أمر في غاية الخطورة.
    سيقول هؤلاء: لا داعي للغوص في هذه الإشكالية من الناحية النظرية أصلاً ، لأنا لسنا مضطرين لذلك! فإن أغلب الشعوب العربية –حتى الآن- مسلمة، وإن عرضنا عليها العمل بالأحكام الإسلامية الشرعية، فسوف تقبلها، ولذلك فإننا نقبل بهذه اللعبة الديمقراطية، وسوف نقول: تعالوا إلى صناديق الاقتراع، ونحن متأكدون أن الشعوب ستختار الإسلام، وبذلك ستنتهي المشكلة من أصلها، وسنؤسس دولة إسلامية حقيقة. وما دامت الشعوب مسلمة، فإنها ستبقى على خيارها هذا.
    ولكنهم ربما يتغافلون عن أن هناك تأثيرات داخلية وخارجية تؤثر في الشعوب أفرادًا وجماعات، وربما يكون أغلبهم في هذا الوقت مرجحين للأحكام الإسلامية –وإن كنت أشك في ذلك-، ولكنهم في وقت مستقبل، ولعوامل كثيرة، ربما ينقلب بهم الأمر فيرجحون الأحكام غير الإسلامية على الإسلامية، ويجبرون الدولة على تغيير قوانينها، وسوف تصبح الدولة غير عاملة بقوانين الإسلام. وذلك كله بناء على الديمقراطية.
    فالمبدأ الذي رضينا به أولا، هو الذي يجب علينا الرضوخ له ثانيًا، وينبغي علينا أن نحترم خيار الأغلبية مهما كان، أليس كذلك؟ فلتكن الدولة غير إسلامية إذن في وقت وإسلامية في وقت آخر، وهكذا.

    تنبيه: هناك أمر لا بدَّ من الانتباه إليه، يظهر وجهة نظرنا في هذه المسألة، وهي أن الدولة المدنية بمرجعية إسلامية، المشروطة بمدة بقاء الأغلبية مريدة للأحكام الإسلامية، هو في حقيقة الأمر كالإقدام على الإسلام بشرط محدودٍ بظرفٍ ما معيَّن أو غير معين، يؤدي إلى قطع الإسلام المعقود أولاً. أي إنه كما لو قال قائل: أنا سأسلم بشرط أنه يحق لي أن أغير رأيي في إسلامي متى شئتُ! ومن المعلوم أن الإسلام المشروط بشرط غير مقبول، فلا يصح للواحد أن يصحح إسلام من يقدم على الدين بنحو هذا الشرط، بل لا يجوز تصحيح إسلام امرئ إلا إذا كان قد أطلق في نفسه ولم يقيده بلفظه أنه على الإسلام أبدًا حتى يموت، فما بالنا إذا قيل لنا: إن هذه الدولة ستكون حاكمة بالأحكام الإسلامية بشرط بقاء الأغلبية مسلمة، فإن تغيرت تغيرت، وإلا فلا، وأن هذا الشرط يشكل جزءا من ماهية الدولة وحقيقتها، لا يجوز أن نتخلى عنه، لأنا إذا قلنا إن هذه الدولة لا بد أن تكون حاكمة بأحكام الإسلام، فإنا نكون قد خرجنا عن مفهوم الدولة الديمقراطية، ونحن لا نريد إلا دولة ديمقراطية، ولا يحقق ذلك إلا التمسك بهذا الشرط.
    والسؤال هنا: مَنْ مِنَ الفقهاء الأعلام يمكن أن يقول عن هذه الحالة: إن الدولة التي تضع نحو هذا الشرط في الدستور، هي دولة إسلامية فعلاً!!؟ أرجو أن يعاد النظر في هذه المسألة الدقيقة، وأن لا يتم تجاوزها بطرق تلفيقية علمية لا تفيد في التأسيس العلمي اللائق بهذا الدين الحنيف، بل لا تليق إلا بمضمار السياسة.

    ولنرجع إلى مناقشة أصحاب الحل العمليّ:
    بعض هؤلاء الذين يتبنون هذا الحل العمليّ للخروج من الأزمة النظرية العلمية السابقة، إذا قيل لهم كيف ترضون بأن تكون الدولة عاملة بغير أحكام الإسلام؟ يقولون: هذا من تقصير الإسلاميين، فلولا أنهم قصروا في نشر الدين والتوعية والبيان له بين الناس، لما عزفوا عن اختيار الإسلام حاكمـًا عليهم. إذن التقصير من الإسلاميين لا من الدين. وبهذا الاحتجاج يقنعون أنفسهم أنهم خرجوا عن ربقة المسؤولية.
    ولو كان الأمر مجرد عمل بحسب المقدور في الواقع، لهان الأمر، ولكن هؤلاء يزيدون ويقولون: إن الدولة في الإسلام لا علاقة لها أصلاً بالدين، ولا يجب على الحاكم أن يرعى شؤون الدين، بل إن إدخال قيد رعاية شؤون الدين في تعريف الدولة الإسلامية، أو الخلافة، تخلل إلى الفقهاء من تأثرهم بالدولة الساسانية، وليس ذلك من صلب الإسلام في شيء!
    فلو كان رئيس الدولة مراعيًا لشؤون الناس الدنيوية فقط، لكان عاملاً بأحكام الإسلام، مطيعًا لله تعالى، ولذلك يقول هؤلاء لا موجب لأن يكون رئيس الدولة مسلما أصلاً.
    ولو كان هؤلاء يتحدثون عن أي دولة لهان الأمر كما قلنا، ولكن لما كانوا يزعمون أنهم يحققون مفاهيم إسلامية، وأحكام ترجع للدين، وتعاليم الإسلام، وجب علينا معارضتهم وبيان أغلوطاتهم وتنبيه الناس عليها.
    والحقيقة أن هذا الحل العمليّ لا يفي بالغرض، فكون الشعب في أغلبه مسلمـًا، فاختار لذلك أحكامًا إسلامية، لا يكفي أن يجعل الدولة إسلامية أصلاً، ولا يحُلُّ مشكلة الدولة، ولا يجعل الطريقة الديمقراطية إسلامية في جوهرها، لأن أخذ الأحكام في الدولة ينبغي أن يكون باعتبار كونها ناشئة من الإسلام والشريعة الإسلامية، ولو حصل أن اتفق وجود دولة أحكامها غير مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكنها لم تعتبر عدم المخالفة للإسلام شرطًا في أخذ أحكامها في الدستور، بل أجازت ذلك ولكن حصل أنها لم تخالفه في مدة معينة، لما كان ذلك كافيًا لوصف الدولة بأنها إسلامية، ولما صح أن يقال إن هؤلاء قد أقاموا دولة إسلامية، أو أنهم قاموا بالواجب عليهم من إقامة الدولة.
    فالدولة الإسلامية، ومن يقيم الدولة الإسلامية، ينبغي أن يلاحظ أنه في تأسيسه للدولة ينبغي أن تكون نشأة أحكامها إسلامية أيضًا، لا أن يتفق كونها غير مخالفة للإسلام بدون قصد كونها كذلك. فإن إقامة الدولة الإسلامية، فعل، والفعل يؤخذ فيه قصد الموافقة للأمر، وذلك للخروج من ربقته، ومن عهدة التكليف، بخلاف النهي كما هو معلوم في الأصول، فيكفي لعدم ترتب العقاب أن ينفك عنه ولا يتلبس به ولو كان غير قاصد إطاعة أمر الشارع، فهذا يترتب عليه الثواب، لا مجرد رفع العقاب.
    ولذلك فإننا نقول: لو اتفق أن حصل الإسلاميون على أغلبية في ضمن إطار الدولة الديمقراطية التي مبدأها أن السلطات الثلاث راجعة للشعب بقيد كونه شعبًا بحريته المحضة في الاختيار، فإن هذه الدولة ذات الإطار الديمقراطي، لا يصح أن تعتبر إسلامية، ولا يترتب على رئيسها صفة ولي أمر المسلمين.
    فإن الدولة بما هي شخصية معنوية لم تعتَبِر كونَ هذه الأحكام بخصوصها ناشئة عن الشريعة الإسلامية، بل الملاحَظ فيها في هذه الحالة، أنها اعتبرت الأحكام لكونها نشأت عن اختيار أغلبية الشعب، فمصدر الحاكمية عند هذه الدولة، التي هي شخصية معنوية اعتبارية، هو الشعب نفسه، لا دين الشعب في لحظة ما يسري لزومها لما بعدها من الأزمان، ولذلك لو تغير دين الشعب وبقي الشعب نفسه، فتغير خِيارُهُ، وصوَّت مختاراً لأحكامٍ غير إسلامية هذه المرة، لم يكن ذلك مخالفًا لأصل الدولة الديمقراطية، ولم يكن ذلك خروجًا عن مبدأ الديمقراطية، ولوجب اعتبار الأحكام المخالفة للإسلام أيضًا، لأن المنشأ في الحالتين واحد وهو الشعب. وهذا الافتراض الذي يقرُب حصوله بلحاظ هذا العالم المتموج، بل قد لا يحصل غيره في عالمنا المعاصر، يبين بوضوح أن الدولة التي تنصُّ على ضرورة قبول الحكم الموافق للإسلام لو تم اختياره، وعلى ضرورة الرضوخ للحكم غير الموافق للإسلام لو تم اختياره أيضًا وبنفس الدرجة، يستحيل أن تكون موصوفة بأنها دولة إسلامية!
    وبذلك يظهر أن هذا الفريق العلميّ عندما يقول: نحن في غنى عن التأصيل العلمي لهذا اللون من الدولة، فإنما يقول ذلك لعجزه عن التأصيل العلمي، لا لقصور في وسائل إدراكه، بل لإدراكه أن التأصيل العلمي الصحيح في هذا الحالة محال بناء على القواعد الإسلامية الصحيحة. فكل من يرضخ لهذا الحلّ إما أن يكون مضمرًا لما يخالف قطعيات الإسلام، ويحذر من التصريح بذلك، أو غير مدرك حقيقة لخطورة الوضع الذي يحاول إقناع الناس به، ومدى الضرر الذي يترتب عليه عملياً وعلميًّا.
    الحل المقترح:
    باختصار: إذا كان عندنا القدرة على إقامة الدولة الإسلامية بأركانها وشروطها وخصائصها فلنقمها على ما هي عليه.
    وإذا لم يكن عندنا القدرة على ذلك، لظروف عالمية معينة، ولضعفنا الظاهر، ولتكالب الناس علينا، فلا يصح لنا أن نحرف هذه المفاهيم لتكون قريبة إلى المفاهيم العلمانية، بما يؤدي إلى إسباغ صفات إسلامية على ما هو غير إسلاميّ.
    ولا يشترط للمسلم لكي يعيش في دولة أن تكون الدولة إسلامية، فكثير من المسلمين يعيشون في دول غربية وشرقية، والجميع مطبق على أنها غير إسلامية.
    وكذلك لا يصح أن نقول على الدول العربية إنها دول إسلامية، واصفين النظام بالإسلامي، مغالطين في ذلك لاعتمادنا على أن أكثر أفراد الشعب مسلمون، ومن أين يأتي التلازم بالحكم على الدولة بالإسلامية لمجرد كون أفرادها مسلمين، والحال أنها غير حاكمة بالإسلام، مصرحة بأنها تتخذ المناهج الغربية في الحكم في دستورها وقوانينها غير خالصة منها ما هو موافق للإسلام ومنها ما هو مخالف؟!
    فلنحترم أنفسنا، ولنعرف حقيقة الأمر ولنقف عند قدرتنا لكي لا يدفعنا غرورنا إلى امتطاء المفاسد.
    ويترتب على هذا الخيار أحكام وعلاقات معينة يجب لحاظها والبناء عليها فيما بين المشايخ والدول القائمة، قد نناقش بعضها في مقالات لاحقة بإذن الله تعالى.
    والله الموفق وعليه التكلان - سعيد فودة
    avatar
    raofyousif


    المساهمات : 2
    تاريخ التسجيل : 04/10/2014

    د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه Empty رد: د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي و رد متولي إبراهيم عليه

    مُساهمة من طرف raofyousif السبت أكتوبر 04, 2014 6:24 pm

    تعترضون علي وضع دستور يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكومين وقوانين تحكم العلاقة بين الناس في المجتمع الواحد ، مع ان الرسول عليه الصلاة و السلام صاغ وثيقة تحكم العلاقة بين المسلمين وبين غيرهم ، ثم ان قوانين الاحوال الشخصية بمصر لا تخالف الشريعة الاسلامية ، كما ان القوانين المدنية والقوانين الجنائية لا تخالف احكام الاسلام الا في القليل النادر وهذا ما يحتاج الي تعديل لكي تتفق مع شرع الله ، فلماذا تحاربون الدستور كله وتحاربون القوانين كلها ؟ اليس من الاجدي والاكثر اقناعا للناس ان تحددوا ما هو مخالف من القوانين لشرع الله وتضعون اصابعكم عليها ، وتسعون -بالحكمة والموعظة الحسنة لتغييرها ، لم يعد الناس تقبل منكم مثل هذا التعميم - بتكفير الدستور الوضعي كله ، او بتكفير القوانين جميعها ، الناس لها عقل تفكر به وتتدبر وتحلل معاني الكلام ولم تعد تقبل الوصاية ممن يسمون انفسهم بعلماء الدين ، قديما كان معظم الناس اميين وكانوا يقبلون الوصاية ، اما الان فان الناس تقرأ وترفض حديثا في البخاري او اكثر من حديث لانه يضاد القرآن ويصطدم بالفطرة السوية من امثال حديث " امرت ان اقاتل الناس حتي يشهدوا ... " واحاديث زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بالسيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت 6 سنوات ودخل عليها وهي في التاسعة من عمرها ، يا سادة نحن في القرن الواحد العشرون فخاطبوا المسلمون بما يتوافق مع ما وصلوا اليه من علم ومن رقي وتقدم في الفكر الانساني ، اما النقل حرفيا من التراث دون اعمال العقل ، فهو تقديس يرفضه عقل المسلم في القرن الواحد والعشرون

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 10:01 am