منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

منتدى متولي إبراهيم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى متولي إبراهيم صالح

بحوث في الدين والسياسة


    رد د صلاح الصاوي على متولي إبراهيم صالح في الربا

    متولي إبراهيم
    متولي إبراهيم
    رئيس الصفحة
    رئيس الصفحة


    المساهمات : 108
    تاريخ التسجيل : 05/10/2011

    رد د صلاح الصاوي على متولي إبراهيم صالح في الربا Empty رد د صلاح الصاوي على متولي إبراهيم صالح في الربا

    مُساهمة من طرف متولي إبراهيم الأحد أكتوبر 28, 2012 6:16 pm

    د صلاح الصاوي يكتب : من ذا الذي خطف الطائرة ؟ ! السبت 20 اكتوبر 2012 - 08 : 24مساء
    سؤالي حول كاتب زعم أن الشريعة فرقت في باب الربا بين المقرض آكل الربا والمقترض مؤكل الربا ، وأن الأول أثم مأزور والثاني معذور غير مأزور ، وزعم أن ما نسب إلى النبى صلى الله عليه وسلم من أنه : (لعن الله آكل الربا وموكله) ما هو إلا محض افتراء عليه صلى الله عليه وسلم لا يصح له إسناد ولا تقوم له قائمة .
    وزعم أن القرآن لم يفرض عقوبة دنيوية على الربا ، إنما هدد فقط بإعلان حرب ، ولم يهدد بذلك إلا آكلى الربا ، ولم يهدد بذلك من آكلى الربا إلا آكليه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ قال : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ «02/البقرة278ـ279] وأنه لو أراد الله لأحد بعد رسوله من حكام المسلمين إعلان الحرب على آكلى الربا لما خص رسوله بالذكر هنا ، ولحدد هنا كيفية يستهدى بها الحكام بعد رسوله فى حربهم مع آكلى الربا ، فلما خص رسوله بالذكر دون غيره ممن بعده ، ولم يحدد كيفية يُستهدَى بها فى محاربة آكلى الربا ممن بعد الصحابة دل ذلك على اختصاص من مع رسوله من آكلى الربا بالتهديد بالحرب من الله ورسوله لتكون آثار بركات تطهير مجتمع النبى صلى الله عليه وسلم من الربا مثالا وقدوة وحاديا لمن بعدهم .
    وأضاف بأن الله تعالى قد ميز بين حقوق خالصة له ، كالصلاة والصوم والحج ، فاستأثر بحق العفو عنها أو العقوبة عليها ، وبين حقوق أخرى منها الربا ، خص أولياء لها من العباد بحق العفو عنها أو التمسك بها ، وعفو موكل الربا عما أعطاه كعفو المسلوب منه بغير رضاه عما سلب منه وهو قادر على استرداده ، وكعفو الدائن وأولياء القتيل عن الدين والقصاص والدية وهم قادرون ، وقد حرم الله الربا كما الغصب والقتل لا لأجل نفسه تعالى ، وإنما لأجل من سيكونون الضحايا ، وهم المأكولون كما المسلوبون والمقتولون .
    بل ينفى عن موكل الربا حتى العتاب بتنويه القرآن بمقالة ابن آدم الأول : (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (المائدة : 28) ثم يعقب قائلا : ( فقد كانت استسلاما صريحا للقاتل خالياً من أى مقاومة ، ورغم ذلك لم يتوعده القرآن ، ولا حتى عتب عليه استسلامه ، مما يشى بأن حال المظلوم المستسلم لظالمه آكل الربا أو سالب الحق أو سافك الدم ليست تعاوناً على الإثم والعدوان كحال الظالم المتعاون مع ظالم مثله على ظلم غيرهما . فلا فرق إذن ، بين المأكول رباه والمسروق ماله ، والمقتولة نفسه والمغصوب حقه فإذا قيل للمأكول حرام عليك أن أكلك الآكل ، لزم أن يقال للمسروق منه ، حرام عليك أن سرقك السارق ، وللمقتول حرام عليك أن قتلك القاتل ، وللمغصوب حرام عليك أن غصبك الغاصب ، ولم يقل بهذا أحد
    وأخيرا لم يفته شن الغارة على مخالفيه من الفقهاء أوالمحدثين أو المفسرين فقال : الإسلام مكبل بنصوص كاذبة خاطئة نسبت إلى نبى الإسلام وسلطت على نصوص القرآن فنحت تعاليمه عن الهيمنة أو فسرتها تفسيرات شائنة ، حجبت حججه الفائقة وشموسه المتألقة وبركاته المتدفقة . الإسلام طائرة مخطوفة ، ولا يدرى متى تحط ولا أين ستحط ولا كيف ستحط ، إلا أن يشاء ربى شيئا وسع ربى كل شىء علما . الإسلام مخطوف من قبل متدينين ، إليه منتسبين ، شيوخ مقلدين ، وأتباع متعصبين ، من خلق محمد محرومين ، وعن حقائق القرآن وسماحة الإسلام عمين ، وصدق الله العظيم القائل (وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ «05/المائدة41») والقائل (يُؤتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ«02/البقرة269»)
    هذه سرد مجمل لأهم ما جاء في مقولة هذا الرجل ، فافتونا بشأنها مأجورين
    الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد : فإن خلاصة ما جاء به هذا الكاتب كما لخصه بنفسه هو إباحة التعامل بالربا من جهة المقترض مؤكل الربا ، وتخصيص الإثم والوزر بالمقرض آكل الربا ، ففرق بين آكل الربا ومؤكله ، وصرح بأن المقرض الآكل آثم مأزور ، أما المقترض المؤكل فمعذور غير مأزور ، لكنه غير مأجور ولا مشكور ، ثم ساق للتدليل على ذلك جملة من الشبهات التي لا تثبت عند الحجاج العلمي على قدم ولا ساق ! بعد رده الحديث المتفق على صحته عند البخاري ومسلم ، والذي لعن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله ! وتقريره أن إيكال الربا ليس من التعاون على الإثم والعدوان ، فالمظلوم المستسلم لظالمه آكل الربا ، أو سالب الحق أو سافك الدم لا يعد متعاوناً على الإثم والعدوان كحال الظالم المتعاون مع ظالم مثله على ظلم غيرهما ! ثم لم يفته التهييج العاطفي ! وتشبيه الإسلام بطائرة مخطوفة ! – كما زعم - من قبل ) متدينين ، إليه منتسبين ، شيوخ مقلدين ، وأتباع متعصبين ، من خلق محمد محرومين ، وعن حقائق القرآن وسماحة الإسلام عمين ! ) ويبدو أن للسجع فتنته ! التي قد تحمل أصحابها على تقحم موارد الهلكة وهم لا يشعرون ! فنقول في التعقيب على ذلك وبالله التوفيق :
    أما أن المقرض آثم مأزور فهذا مما لا يختلف فيه ، ولا يختلف عليه ، فقد قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ «02/البقرة278ـ279]
    وقال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِى أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ «03/آل عمران130ـ131]
    وأما أن المقترض الموكل فمعذور غير مأزور ، فهو إطلاق ترده بدهيات العقل ، وحقائق الشرع ، وإجماع علماء الامة عبر القرون ، فقد اتفقت الأمة سلفا وخلفا على أن آكل الربا ، ومؤكله - إذا لم يكن مضطرا - شركاء في الإثم ، وعلى هذا نصوص الشرع ، وقواعده الكلية ، ومقاصده العامة ، ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهديه ، وقال : ((هم سواء)) وفي حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم : أيضا لعن رسول الله آكل الربا وموكله ، وفي البخاري حديث جحيفة الساعدية ، في لعن الواشي والمستوشي وآكل الربا ومؤكله ، فالحديث إذن قد اتفق على صحته البخاري ومسلم ، بل وعنون البخاري في صحيحه بابا يحمل هذا العنوان فقال : بَابُ آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ، وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وتلقته الأمة بالقبول ، واتفقت عليه فقهاء المذاهب المتبوعة جميعا ، وتوارثته الأمة جيلا بعد جيل ، ولا يشوش عليه هذا الشغب الذي شغبه حول طرقه وأسانيده ، فثمت دراسات مستقلة في نقض هذا العبث ، وستصله لعل الله أن يمهد له بها سبيلا إلى التوبة ! ترى هل هؤلاء جميعا اشتركوا في خطف طائرة الإسلام على النحو الذي يريد أن يحملنا صاحب هذه المقولة على قبوله ؟ ! لا نملك إلا أن نقول صلوات الله على من قال ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت ! )
    ومن ناحية القواعد العامة فقد قال تعالى [ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان] فيحرم بيع العنب لمن يعصره خمرا ، وبيع الخشب لمن يتخذه صليبا ، وبيع النحاس لمن يتخذه ناقوسا ، وبيع السلاح لمن يقتل به معصوما ، رغم أن الأصل في بيع العنب والخشب والنحاس والسلاح الحل ، فهي من جملة الطيبات في الأصل وليست من الخبائث ، ولكن نهي عن هذه البيوع باعتبار المآل ، فإذا كان اعتبار المآل قد منع به ما كان مشروعا في الأصل ، فكيف لا يتأكد به منع ما كان داخلا في التحريم ابتداء ؟ ! ولا يعهد في الشريعة أن عقدا يكون بين طرفين يدخل فيه كل منهما طائعا مختارا فيكون أحدهما آثما والآخر غير آثم ! بل من كان منهما مضطرا فقد ارتفعت عنه التبعة والعقوبة ، ومن كان طائعا مختارا غير مكره فهوآثم ومأزور ، ولما كانت الضرورة لا تتصور في حق المقرض آكل الربا أطلق أهل العلم القول بتجريمه ، ولكن المقترض هو الذي يتصور فيه الاضطرار ، فقد يكون معذورا إن وقع تحت وطأة ضرورة من الضرورات ، أو حاجة ماسة تنزل منزلة الضرورة ، وعندئذ يكون معذورا عير مأزور كما قال ، وقد لا يكون معذورا إذا لم توجد ضرورة ولا حاجة تنزل منزلتها ، وما حمله على الاقتراض إلا النهم والجشع والتشوف إلى مزيد من الثراء والتوسع ! فيكون آثما مأزورا بمقتضى النص وبمقتضى القواعد الكلية والمقاصد العامة ، وهذا الذي نص عليه علماء الأمة قديما وحديثا ، وهو الذي ينسجم مع بدهيات العقول ، وقواطع النصوص التي تلقتها الأمة بالقبول ، قال الخطابي : سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين آكل الربا وموكله ، إذ كان لا يتوصل إلى أكله إلا بمعاونته ومشاركته إياه ، فهما شريكان في الإثم كما كانا شريكين في الفعل ، وإن كان أحدهما مغتبطا بفعله لما يستفضله من البيع ، والآخر منهضما لما يلحقه من النقص ، ولله عز وجل حدود فلا تتجاوز وقت الوجود من الربح والعدم وعند العسر واليسر ، والضرورة لا تلحقه بوجه في أن يوكله الربا ، لأنه قد يجد السبيل إلى أن يتوصل إلى حاجته بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة ونحوها قال الطيبي - رحمه الله : لعل هذا الاضطرار يلحق بموكل فينبغي أن يحترز عن صريح الربا فيثبت بوجه من وجوه المبايعة لقوله - تعالى : وأحل الله البيع وحرم الربا لكن مع وجل وخوف شديد عسى الله أن يتجاوز عنه ولا كذلك الآكل وإن القول بخلاف ذلك يعد ثلمة في التشريع ! ومثلبة يتنزه عنها تشريع أحكم الحاكمين ! وما كنت أظن أن أحدا غير مغلوب على عقله يجادل في ذلك ! ولكن لله في خلقه شئون !
    ومن فواقره - غفر الله له - التي أراد أن يؤكد بها أن تحريم الربا إنما كان في جانب أكلة الربا فقط وليس مؤكليه ، ما زعمه من أن القرآن لم يفرض عقوبة دنيوية على الربا ، إنما هدد فقط بإعلان حرب ، ولم يهدد بذلك إلا آكلى الربا ، ولم يهدد بذلك من آكلى الربا إلا آكليه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ! إذ قال : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ «02/البقرة278ـ279] ولو أراد الله لأحد بعد رسوله من حكام المسلمين إعلان الحرب على آكلى الربا لما خص رسوله بالذكر هنا ، ولحدد هنا كيفية يستهدى بها الحكام بعد رسوله فى حربهم مع آكلى الربا ، فلما خص رسوله بالذكر دون غيره ممن بعده ، ولم يحدد كيفية يُستهدَى بها فى محاربة آكلى الربا ممن بعد الصحابة دل ذلك على اختصاص من مع رسوله من آكلى الربا بالتهديد بالحرب من الله ورسوله لتكون آثار بركات تطهير مجتمع النبى صلى الله عليه وسلم من الربا مثالا وقدوة وحاديا لمن بعدهم ، وللتعليق على هذه الشبهة نقول : إن عدم فرض عقوبة دنيوية محددة على الربا لا يعني هذا انتفاء التجريم ولا انتفاء العقوبة ! فكم من جرائم لم تحدد لها عقوبات بعينها ، ولا تزال جرائم منكرة ، وفي التعزير متسع أمام الحكام للزجر عن هذه الجرائم بما يقيمونه فيها من عقوبات تعزيرية ، تحقق الزجر العام والزجر الخاص ، لقد فرض الله عقوبة في الرمي بالزنا ولم يفرض عقوبة في الرمي بالكفر ، فجعل عقوبة الرمي بالزنا عقوبة حدية ، وعقوبة الرمي بالكفر عقوبة تعزيرية ، ولعل من أوجه الحكمة في ذلك أن الرمي بالزنا يعلق بالنفوس ويلتصق بالمتهم ولا يتسنى تبرئته منه إلا من خلال تقرير هذه العقوبة الحدية الغليظة الموجعة ، أما الرمي بالكفر فيسهل إثبات بهتان الساب وبيان كذبه وافترائه وأما جعل هذا التهديد بالحرب على أكلة الربا من الصحابة فقط فمجازفة في القول ! وركوب لمراكب العناد والمشاقة ! إذ لا يملك على هذا دليلا إلا توهماته وظنونه ! ولم يسبقه إلى هذا القول أحد ممن ينقل عنه العلم ! وأمامه التراث الإسلامي كتاب مفتوح فليأتنا بأثارة من علم على ذلك ! يقول إن الدليل على ذلك أن الله قد ذكر رسوله في هذا السياق ، ونقول كم من شرائع وتكاليف توجه الخطاب فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان المخاطب بها أمته ! هل يملك أحد أن يقول عن أحكام الطلاق الواردة في سورة الطلاق إنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بمجتمع الصحابة وحدهم لأن الخطاب في صدر هذه السورة توجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ! ومن ناحية أخرى فإن من كانوا مع رسول الله صلى الله عليه سلم كانوا أطوع الناس لله عزوجل ، وأكثرهم تعظيما لأمره ونهيه ، ولا يتصور من مثلهم إصرار على المخالفة حتى يخصوا بتشريع يتهددهم وحدهم بإعلان الحرب عليهم عند المخالفة !
    هنيئا للطغاة والظالمين !
    وقد يصدم القارئ هذا العنوان ! ولكنه المقتضى المباشر لما قرره الكاتب عندما أشار إلى تنويه القرآن بمقالة ابن آدم الأول : (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ثم قال : (فقد كانت استسلاما صريحا للقاتل خالياً من أى مقاومة ، ورغم ذلك لم يتوعده القرآن ، ولا حتى عتب عليه استسلامه ، مما يشى بأن حال المظلوم المستسلم لظالمه آكل الربا أو سالب الحق أو سافك الدم ليست تعاوناً على الإثم والعدوان كحال الظالم المتعاون مع ظالم مثله على ظلم غيرهما ! ) فبعد أن أباح القروض الربوية من جهة المقترضين ، وما قرره من أن الاقتراض بالربا لا يستوجب حتى المعاتبة ! لتنشط بذلك بيوت الربا حول العالم ! ولنزع ما بقي من حريجة دينية في نفوس المؤمنين تجاه الاقتراض الربوي ! أن إذ به يوسع القاعدة لتستوعب الاستنامة للظلمة سافكي الدماء وسالبي الحقوق ومغتصبي الأراضي ! حتى لا يرفع في وجههم سيف ! ولا تبدي في مواجهة مظالمهم أي مقاومة ! ليمتهد السبيل أمام تدجين الأمة ، وتطويعها لأعدائها ، وتزيين استسلامها لهم ! عندما أشاد باستسلام المظلوم لظالمه آكل الربا أو سالب الحق أوسافك الدم ! وأن هذا ليس من قبيل التعاون على الإثم والعدوان ، وأنه أمر لا يستوجب حتى المعاتبة ! قد لا يكون هذا مقصود الرجل ، ولكنه لازم مذهبه شاء أم أبى ! نسوقه له ليدرك خطورة ما انتحله من رأي ، وسوء مآل ما تقلده من شذوذ في القول !
    ولا يكاد ينقضي العجب من قياس مؤكل الربا على من سرق ماله أو غصب حقه أو انتهبت امواله ، أو أزهقت روحه عمدا عدوانا ، وقوله [ فلا فرق إذن ، بين المأكول رباه والمسروق ماله ، والمقتولة نفسه والمغصوب حقه . فإذا قيل للمأكول حرام عليك أن أكلك الآكل ، لزم أن يقال للمسروق منه ، حرام عليك أن سرقك السارق ، وللمقتول حرام عليك أن قتلك القاتل ، وللمغصوب حرام عليك أن غصبك الغاصب ، ولم يقل بهذا أحد ] فإن قياس مؤكل الربا على هؤلاء جميعا قياس مع الفارق ترده بدهيات العقول ، فمن سرق منه ماله أو اغتصبت حقوقه ، أو قتل عمدا بغير حق لن يكون في شيء من ذلك إلا ملجئا مضطرا ، ولا يتصور في مثله حالة رضا أو اختيار ، فلا يرد في المسروق ماله ولا المقتولة نفسه ولا المغصوب حقه هذا القول ابتداء ، ولو أن رجلا سلط آخر على ماله ليسرقه أو لينتهبه برضاه فقد انتفى عن فعله هذا وصف السرقة ، ولم يعد يمثل قطعا جريمة حدية تقطع بها اليد على النحو الذي جاء ذكره في كتاب الله عزوجل ، أما مؤكل الربا فكما يتصور منه أن يكون مضطرا ، يتصور منه كذلك أن يكون جشعا مغامرا ، باحثا عن مزيد من الثراء والتوسع ! ولقد أشار إلى هذا المعنى قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في مصر سنه 1965 والذي اجتمع فيه ممثلون ومنوبون عن خمس وثلاثين دولة إسلامية ، وتجاوز عددهم 83 فقيهًا وعالمًا ، وفرق بين آكل الربا ومؤكله على هذا النحو الذي لا يحتاج من فرط بداهته إلى إثبات
    الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم ، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين .
    كثير الربا وقليله حرام ، كما يشير إلى ذلك الفهم الصحيح في قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَة وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران : 130) الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة ، والاقتراض بالربا محرم كذلك ، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة ، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته . ترى هل خطف هؤلاء جميعا طائرة الإسلام حتى جاء صاحب هذه المقولة لبسترد هذه الطائرة المخطوفة ؟ !
    هل يجيز الربا التراضي عليه بين الدائن والمدين ؟
    وهذه فاقرة أخرى يزعم فيها الكاتب أن الربا من الحقوق التي جعل الله لأوليائها من العباد الحق في العفو عنها أو التمسك بها ، ولا أدري عن أي عفو يتحدث ، هل يتحدث عن سقوط الإثم والتبعة الأخروية بمعنى أن التراضي على الربا بين الدائن والمدين يحل الربا ؟ وأن المدين إذا طابت نفسه بدفع الربا تسقط التبعة والإثم عن المرابي آكل الربا ؟ إن كان هذا مقصوده فلا أبطل من هذا القول المحدث من جميع الوجوه ! ولا افحش منه عند جميع العقلاء ! ونسأله - ونرجو أن يذكر موقفه بين يدي ربه قبل أن يجيب- : هل سبق إلى القول بذلك أحد ممن ينقل عنهم العلم على مدار القرون ؟ ! هل سطر مثل هذا القول من قبل في ديوان من دواوين الإسلام ؟ ! وإذا كان جوابه بالنفي ، فهل أغلق الله فهم هذه النصوص على أمة محمد عبر هذه القرون المتطاولة إلى أن جاء هذا المجدد ، ليصلح به ما فسد من مسار الأمة على مدار هذه القرون ؟ !
    لقد تمهد في بدهيات العلم ومحكمات الشريعة أن التراضي على المحرمات لا يبيحها ، فالتراضي على الرشوة بين الراشي والمرتشي لا يبيح الرشوة ، مع التفريق بين المضطر وغيره ، والتراضي على القمار والميسر لا يحله ، والتراضي على بيع الميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل هذه الصفقات ، بل لا تزال محرمة خبيثة وإن زينتها الشياطين التي سكنت في نفوس هؤلاء الفجرة ! وجعلتهم يطربون لها وينتشون عند ذكرها ! والتراضي على المخادنة المحرمة بين الفسقة والزناة لا يحل الزنا ولا انتهاك الأعراض ؟ والتراضي بين السارق وصاحب المال بعد وقوع الجريمة لا يفيد إذا رفع الأمر إلى السلطان ، فإن الحد إذا رفع إلى السلطان فقد وجب ، ولعن الله الشافع والمشفع ! والتراضي على ترك القصاص أو الدية لا يجعل الجريمة التي أنشأت هذا الحكم مباحة ، فلا يزال القتل محرما ولا يزال من أكبر الكبائر ، من قبل العفو ومن بعده ، وإنما يكون العفو عن الآثار الجنائية الدنيوية التي ترتبت على هذه الجريمة من القصاص أو الدية ، ويبقى القتل محرما ، ويبقى أن العبد لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ، وأن القاتل في خطر المشيئة : إن شاء الله عذبه ، وإن شاء غفر له !
    أم يتحدث عن سقوط الإثم والتبعة الدنيوية ، أي يقصد أن الرضا وطيب الخاطر يسقط العقوبة الدنيوية في هذه الحقوق ؟ ! والجواب أنه ليس في الربا عقوبة دينوية محددة كما ذكر هو بنفسه ، وقصارى ما يحدث إذا رفع الأمر إلى السلطان أن يقضي بوضع الربا ، ولا يلزم المدين إلا برأس المال فقط ! وله عند الاقتضاء أن يوقع بعض العقوبات التعزيرية ، وإذا لم يرفع أمره إلى السلطان فلن يشعر به أحد بطبيعة الحال !
    فعن أي تنازل يتحدث ؟ وعن أي عفو يتكلم ؟ وهل يفيده هذا اللغو في إسقاط الإثم عن المرابي مؤكل الربا إذا كان ذلك عن تراض بينه وبين المرابي آكل الربا ؟ ! ومرة أخرى نسأله : من ذا الذي سبقه إلى القول بذلك من أئمة العلم والدين على مدار القرون ؟ ! ومن ذا الذي اختطف طائرة الإسلام كما زعم ؟ ! أهو البخاري ومسلم وغيرهم من سائر المحدثين وشراح الاحاديث النبوية ؟ ! أهم المفسرون لكتاب الله عزوجل ؟ ! أهم فقهاء المذاهب المتبوعة كافة ؟ ! أهم ممثلوا الدول الإسلامية الخمس وثلاثين في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية المنعقد في القاهرة في أواسط الستينات ؟ والذي ضم صفوة فقهاء الأمة وخبراءها ؟ أيظن أن الأمة ستتخذه ومن تابعه على هذا اللغو أولياء من دون علماء الأمة قاطبة : محدثين ومفسرين وفقهاء ؟ ! إنني ألتقط آخر كلمة في حديثه لأراجعه بها ، لقد قال : ) فإذا قيل للمأكول حرام عليك أن أكلك الآكل ، لزم أن يقال للمسروق منه ، حرام عليك أن سرقك السارق ، وللمقتول حرام عليك أن قتلك القاتل ، وللمغصوب حرام عليك أن غصبك الغاصب ، ولم يقل بهذا أحد) والجواب السريع عن هذا السؤال قد سبق إيراده ، وهو أن هؤلاء جميعا لا يكونون إلا مكرهين ملجئين ، فلا يتجه إليهم مثل هذا القول ابتداء ، ولكن مؤكل الربا قد يكون مضطرا وقد يكون نهما جشعا تكلف الربا طائعا مختارا
    ولكنني هنا سألتقط فقط الكلمة الأخيرة وهي قوله (ولم يقل بهذا أحد) لأقول له : وكذلك جل ما ذكرته لم يقل به أحد ! وإلا فائتني بأثارة من علم على أن أحدا ممن ينقل عنه العلم قد سبقك إلى شيء من هذا اللغو ، وأذكره بقول الله عزوحل [ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سيبل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا]
    إن العقدة الأساسية في الرد على هذا الهراء أن نؤكد أن السف الصالح كما كانوا مرجعية في نقل نصوص الوحيين كانوا مرجعية كذلك في فهمها ، وبيان مدلول قواطعها ومحكماتها ، فما أجمعوا عليه من ذلك فهو الحق الذي لا معدل عنه ، فلا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله عز وجل ، ولن نسمح لاحد أن يخطف طائرة تحلق بهؤلاء الأعلام في فضاءات القرآن والسنة وأصول أهل السنة والجماعة لكي يهوي بنا إلى أرض البدع والمحدثات ! وفي اودية الظنون والتخرصات ! ولأن نكون في طائرة مخطوفة قد أقلت أئمة أهل العلم من الفقهاء والمفسرين والمحدثين أحب إلينا من أن نخلف مع القواعد من المبتدعة وأهل الأهواء ممن يريودن اغتيال تاريخنا واغتيال ذاكرتنا وإهالة التراب على رموزنا وعلمائنا لنتخذهم أولياء من دونهم !
    اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، وردنا إليك ردا جميلا ، وصل على سيد الأولين والآخرين والحمد لله رب العالمين ، اللهم آمين . والله تعالى أعلى وأعلم . طالعته أنا متولي إبراهيم صالح في 28/10/2012 ومنتظر ما وعدني فيه