ذهلت فترة بدون قصد وانتبهت الآن فجر 18/2/2012 أن الأمانة العلمية تقتضيني نقل هذا المقال الناقد لي بنصه وفصه من على الشبكة العنكبوتية وكان قد نشر في الصفحة 42 من مجلة التوحيد المصرية عدد المحرم 1430هـ ليطالعه القارئ ثم يطالع بعده ردا عليه كتبته في حينه وهو موجود على منتدى متولي إبراهيم صالح والمقال كما يلي :
كذب جمال البنا و تابعه متولى ابراهيم فى الطعن على حديث أمرت أن اقاتل الناس
اعداد محمود المراكبى
أفسحت إحدى الجرائد للأستاذ جمال البنا مقالا يوم السبت الموافق22/11/2008 ،
ولم تفسح المجال للرد عليه،
فآثرنا أن ننشره في حصن السنة ومعقلها الأخير مجلة التوحيد التي نسأل الله أن يديمها والعاملين عليها لنصرة النبي ، والأستاذ البنا شخصية يدور حولها كثير من الجدل بين أوساط المسلمين
لأنه يحوم حول الشبهات ولا يحدثنا إلا بالغريب منها بل والشاذ من آراء الفقهاء، فتارة يحل التدخين في نهار رمضان، ويحل قبلة المرأة الأجنبية، وتارة يرفض الحديث الصحيح الذي أخذته الأمة بالقبول طوال تاريخها، لأنه بعقله القاصر لا يوافق القرآن،
واليوم يفاجئنا بمقالة في علم الحديث ويستعين بمجهول في الأبحاث ويفرد المقالة للأستاذ متولي إبراهيم الذي خدم السنة بالكمبيوتر،
ومع أنني أعمل من عشرين سنة في مجال تطويع الحاسب حققت خلالها برنامج جوامع الكلم الذي يضم كتاب ومخطوط من مصادر الحديث وهو يعد أضخم خدمة للسنة من أربعة عشر قرنا من الزمان،
ويعد درعا لحماية السنة من الأقزام الذين يهاجمونها،
وسنثبت بالدليل الدامغ أن الأستاذ البنا وتابعه متولي لم يحققا إلا الخيبة والخسران
فحديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ،
يريد الأستاذ البنا أن يمحوه من الوجود لأنه يصادم عقولهم المريضة بدعوى أنه يخالف حرية الاعتقاد، والحديث لو فهماه كما دلت عليه ألفاظ الحديث، لما لفقا التحقيق الذي نشر،
وسنشرح الحديث ولكن بعد أن نبين الكذب في مقالة البنا
ذكر الأستاذ البنا ومتولي أن عدد طرق رواية الحديث 234
وهو خطأ فادح فعدد طرقه وفق نتائج برنامج جوامع الكلم هو 631 طريقًا،
منها 154 طريقا صحيحا وفق أصول وقواعد المحدثين، و 258 طريقا حسنا، ومنها 174 طريقا ضعيفا، و 41طريقًا شديد الضعف، ومنها6 طرق فيها وضاع أو متهم بالوضع، والحديث لو صح له طريق واحد يعد صحيحا فما بالك ونحن أمام 154 طريقا و 258 طريقا حسنا حكمه حكم الصحيح ولا ريب، فنحن لدينا 412 طريقا ما بين صحيح وحسن، هذه هي الزلة الأولى،
والثانية أنه أخفى عدد الصحابة الذين رووا الحديث،
وهو 27 صحابيًا أي حديث متواتر،
والتواتر هو استحالة اتفاق رواته على الكذب، ويكفي أن الإمام البخاري رواه 6 مرات في صحيحه،
وفي كل المواضع تصريح بالسماع،
في أربعة أحاديث منها ابن شهاب الزهري
الذي يطعن فيه البنا ومتولي،
وهذا يثبت الكذب المتعمد، فهو يقول ولم يصرح بالسماع، والزهري يصرح بالسماع من شيخه فيقول
في الحديثين الأول والثاني حدثنا،
وفي الحديث الثالث والرابع أخبرني،
وهما ينطقان بالسماع ولكن
«فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» الحج
الحديث الأول رقم ونصه
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة َرضي الله عنه، قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍرضي الله عنه وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ، وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
الحديث الثاني
رقم ونصه حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَنْ، قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
الحديث الثالث رقم ونصه
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
الحديث الرابع رقم ونصه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ،
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لأبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
والحديث أيضا رواه الإمام مسلم رواه خمس مرات في صحيحه، والترمذي رواه مرات وقال في الأربعة المواضع وهذا حديث حسن صحيح، وأبو داود رواه مرات، والنسائي راوه في المجتبى مرة، وفي السنن الكبرى مرة، وابن ماجة في مرات، والدارمي مرة، وأحمد بن حنبل في مسنده في موضعًا
والأستاذ البنا يعرفنا بتابعه متولي إبراهيم
بقوله باحث كفؤ ومجهول،
أما كونه كفؤًا فقد أدركنا ضعف بحثه ومخالفته لمنهج علماء الحديث،
والأستاذ البنا حكم
عليه بالضعف قبل أن يقدمه
حسب منهج المحدثين فالرواي المجهول يضعف الإسناد لجهالة الراوي،
ومع أني أعرف العاملين في مجال خدمة السنة بالحاسب الآلي وكلهم تلاميذي ولا فخر، فلم@ أسمع يوما طوال العشرين سنة الماضية عن باحث اسمه متولي إبراهيم،
وفي أي مؤسسة يعمل،
وهل اطلع العلماء على عمله، وأقروا بسلامة منهجه،
اعتقد أن الأستاذ البنا قد ضيع الباحث ووضعه في خانة من يحب الغرائب، وأخرجه من حيز العدالة، إنه يقول إن تحفة الأشراف و إتحاف المهرة لا يشفيان غليله
تبقى نقطة لم يستوعبها البنا
وهي قضية التدليس التي راح ينعت الحفاظ بها ويرفض حديثهم،
فالتدليس نوعان
تدليس شيوخ وتدليس تسوية،
والنوع الأول لا خوف منه إذا عنعن الراوي عن شيخه، وصرح بالسماع في إحدى طرق الرواية فتنتفي شبهة تدليسه في هذا الحديث،
ورواية البخاري لأي مدلس يجبر تدليسه لأنه لا يروي عن مدلسين لأنه يتأكد من سماعه للحديث
وقضية رفض أحاديث الراوي لأنه مدلس قضية خطيرة، فابن شهاب الزهري يقول عنه علماء الحديث
قال ابن حجر العسقلاني
في التقريب الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه
وقال ابن منجويه كان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقا لمتون الأخبار
وقال الذهبي أحد الأئمة الأعلام، وعالم أهل الحجاز والشام
وقال الليث بن سعد المصري ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ولا أكثر علما منه
وقال أبو بكر الهذلي جالسنا الحسن وابن سيرين فما رأينا أحدا أعلم من الزهري
وقال أبو حاتم الرازي الزهرى أحب إلي من الأعمش يحتج بحديثه وأثبت أصحاب أنس الزهري، وسئل عن الزهرى عندك فقيه فقال نعم فقيه وجعل يفخم امره
وقال أبو حاتم ذكره ابن حبان في الثقات وقال رأى عشرة من أصحاب رسول الله وكان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقا لمتون الأخبار وكان فقيها فاضلا روى عنه الناس، وقال أبو داود السجستاني عن الزهري أحسن الناس حديثا
وقال أيوب بن أبي تميمة السختياني ما رأيت أحدا أعلم من الزهري
وقال سفيان بن عيينة لم يكن في الناس أحد أعلم بسنة منه
وقال عمرو بن دينار الأثرم ما رأيت أنص للحديث منه وقال قتادة بن دعامة السدوسي، ما بقى على ظهرها إلا اثنان الزهرى وآخر
وقال الإمام مالك بن أنس بقى ابن شهاب وماله في الدنيا نظير، ومرة أول من أسند الحديث ابن شهاب
وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي الزهري ثقة كثير الحديث والعلم فقيه جامع
أليس من غير المعقول أن يكون هذا رأي هؤلاء الأعلام في الإمام الزهري ويتجرأ البنا ومتولي كذبا وزروا وبهتانا على أعلامنا شهوة ورغبة في الظهور وإعلانا للغرائب
أما الحديث الذي نتحاور حوله فهو أمرت أن أقاتل الناس وليس أقتل الناس،
فقتل الناس لم يرد عن النبي ويخالف جميع الشرائع، ولا يمكن أن يكون مراد النبي من الحديث،
وإنما نص الحديث ورد بلفظة أقاتل الناس، وشتان بين المعنين، ففعل أقاتل معناه أن طرفا يقاتلك عن دينك ليثنيك عنه فمرحبا بالقتال عندئذ، والزود عن المعتقد أسمى أنواع المقاتلة، فالبنا لا يفهم اللغة ولا يعرف الحديث ويحلو له أن يصف نفسه بالمفكر الإسلامي،
فالرجل ليس مفكرا وليس إسلاميا فبضاعته مزجاة،
فالرجل يشابه المستشرقين الذين يحقدون على الإسلام،
ولا ينصفونه فأصبح وجهه من الوجوه المكروهة بين الإسلاميين
أما آن للبنا أن يتوب إلى الله، ويستعد للقائه، ويكف عن التفكير الذي يسميه وحده بالإسلامي، وإذا تركناه لتفكيره فسينقضي أجله ويهلك كما هلك من قال الله فيهم
«وكنا نخوض مع الخائضين»
المدثر
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مجلة التوحيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما جوابي على هذا المقال في حينه فكان كما يلي :
قد نشرت جريدة المصري يوم 22/11/2008 مقالا بِشأن هذا البحث ردت عليه مجلة التوحيد المصرية عدد المحرم 1430هـ بمقال نصه ما يلي :
[ يكتب هنا مقال جريدة التوحيد ] @ . ورد كاتب البحث ما نصه ما يلي :
رفع الالتباس في حديث أمرت أن أقاتل الناس
الأقزام . الخيبة والخسران . عقولهم المريضة . الزلة . الكذب المتعمد . عمى القلوب كذبا وزورا وبهتانا وشهوة ورغبة في الظهور . وجهه من الوجوه المكروهة بين الإسلاميين .
هذا هو الإرث الثقافي الذي غلب على أدبيات خطابنا نحن المتدينين ، حتى لم نعد نحسن سواه ، تعويضا عن فشلنا في إدارة حوار موضوعي منطقي عقلاني .
فها هي عباراتهم في الصفحة الأولى وما بعدها من مجلة التوحيد المصرية عدد المحرم 1430هـ ، تعليقا على مقال في الصفحة الخامسة من جريدة المصري اليوم عدد 22/11/2008 . ولست أنكر عليهم ولا على غيرهم حقهم في أن يجتهدوا وينتقدوا ؛ ولكن عليهم أن يتحملوا من العيب والعذل واللوم ما يستحقه من يقحم نفسه فيما لا يحسن ؛ فليسوا من علم الحديث أو علم اللغة في عير ولا نفير ، والبيان كما يلي :
أ ـ زعم زاعمهم 154 طريقا صحيحة و 258 طريقا حسنة ، والجواب أنها ما من طريق منها إلا وفيها راو مجهول عينه ، أو معلوم عينه مجهول حاله ، أو معلوم عينه وحاله غير ثقة ، أو ثقة مرسل ، أو مدلس معنعن ، أو شاذ مخالف لأوثق منه ، أو مخالف خبره لخبر القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟ .
ب ـ زعم تصريح ابن شهاب بالسماع في أربعة مواضع أوردها ، وجوابه أن اثنين منها يدوران على شعيب بن أبي حمزة والآخران على الليث بن سعد ، وشعيب والليث كلاهما مدلس معنعن ، وبالتالي لم يصح عن الزهري أنه صرح بالسماع . ولأجل ذلك لم أنسب إليه المواضع الأربعة التي توهم الزاعم أنه استدركها ، وإنما نسبت منها اثنين إلى شعيب ضمن قولي : (منها تدور 16 على شعيب) واثنين إلى الليث ضمن قولي : (ومنها 3 على يحيى عن الليث و11 على قتيبة عن الليث) وذكرت أن شعيبا والليث مدلسان معنعنان .
ج ـ زعم إخفائي 27 صحابيا رووا الحديث ، والجواب أنه ما من إسناد صح عن صحابي أنه سمع أو روى هذا الحديث عن النبي صلعم ، فكيف أنسب إلى الصحابة ما لم تصح أسانيده إليهم ؟ .
د ـ زعم أن معنى المقاتلة لغة الرد على البدء بالعدوان فقال : فِعْلُ أقاتل معناه أن طرفا يقاتلك عن دينك ليثنيك عنه ، فجعل بذلك قوله تعالى : (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) في معنى : (ولا تردوا على بدئهم العدوان عليكم عند المسجد الحرام حتى يردوا على بدئكم العدوان عليهم فيه فإن ردوا على بدئكم العدوان عليهم فاقتلوهم) وهذا لغو ينقض بعضه بعضا ، فما أدى إليه باطل . إنما المقاتلة مفاعلة تعني وقوع الفعل من أكثر من طرف وليس فيها أي دلالة تميز المعتدي من المعتدى عليه .
هـ ـ لوح بدعوى التواتر وتلقي الأمة له بالقبول كمن لوحوا بقميص عثمان بعد التقصير في نصيحته ثم الفشل في حمايته ، وأي تواتر يعنيه وأحبار الأمة مختلفون في شروط التواتر وفي العدد الذي ينعقد به ، فقيل خمسة وقيل بل اثنا عشر وقيل بل أربعون وقيل بل سبعون وقيل بل ثلاثمائة وقيل بل ألف وستمائة وقيل بل بحيث لا يحصيهم عدد ولا يحويهم بلد ؟ وقال الجمهور بل العدد غير مشروط إنما المشروط أن يستحيل تواطؤ العدد على الكذب ثم لم يعينوا معيارا لكيفية التأكد من توافر هذه الاستحالة ؛ فبقيت هذه الكيفية وذاك المعيار وتلك الاستحالة ، محل اجتهاد وتفقه ونظر ، واختلاف باختلاف كل مجتهد متفقه ناظر ، وباختلاف كل خبر ؛ فرجع الأمر إلى الظن أو ظاهر العلم .
والجمهور لا يشترطون في رواة المتواتر لا إسلاماً ولا عدالة ؛ فيلزمهم الإيمان بدعوى صلب المسيح ؛ لتواترها تواتراً يشمل كل اليهود والنصارى ، وهم في كل زمان أكثر عددا ممن يقولون محمد رسول الله .
إن الفرية يفتريها المفتري وينسبها إلى النبي صلعم ، على خلفية هوى سياسي أو اجتماعي ، ثم يشيعها هواتها ، ويحمونها إن كانوا حكاما من أن ينتقدها أحد فتتواتر ، ثم تنتقل شائعة متواترة بعد ذلك من جيل إلى جيل ، فيغفل رائم الحقيقة عن المفتري الأول والهواة المشيعين الحماة الأولين ، وينشغل بالتواتر الشائع في الأجيال التالية .
والصواب أن يقال إن احتمال تواطئ نقلة المتواتر على الكذب أضعف من احتمال تواطؤ نقلة الآحاد عليه ، وكلما زاد العدد كلما ضعف ذلك الاحتمال ، فيضعف ضعفاً شديداً إذا زاد العدد زيادة كبيرة ، لكن ليس هناك حد في العدد ، بحيث إذا انتقل العد إلى عدد أكبر منه برقم واحد انتقل تبعاً لذلك احتمال التواطئ من الضعف الشديد إلى الاستحالة .
نعم يمكن أن يضعف الاحتمال جداً جداً ، ويقترب من الاستحالة جدا جدا ، كلما زاد العدد أكثر فأكثر ، ويمكن عندئذ أن يقال إن الاحتمال ضعيفٌ جداً جداً ، مقتربٌ من المستحيل جدا جدا ، لكن لا يحق القول بأن الاحتمال صار مستحيلاً ، لأنه لا يصح أن يقال إن العدد صار بلا حد .
وبناء عليه يحق أن يقال : إن الخبر المتواتر يقترب من اليقين كلما زاد العدد ، لكن لا يحق القول بأنه صار يقيناً ، بل هو باق في حدود الظن وظاهر العلم مهما قارب اليقين .
و ـ قال : (رواية البخاري لأي مدلس تجبر تدليسه لأنه لا يروي عن مدلسين) مقررا بصدر العبارة أن البخاري يروي عن المدلسين وبعجزها أنه لا يروي عنهم ، فأي طرفي العبارة نصدق ؟ .
ز ـ قال : (رواية البخاري لأي مدلس تجبر تدليسه لأنه يتأكد من سماعه للحديث) ولو تدبر لأدرك أنه اتهام منه للبخاري بأنه قد تأكد من سماع المدلس للحديث ، في رواية أخرى صرح فيها هذا المدلس بالسماع ، ثم بخل علينا فأخفى عنا الرواية النصوح المتضمنة دليل سماع المدلس ، تلك الرواية المصرح فيها بسماعه ولم يبرز لنا إلا الرواية العمياء والتدليس معناه التعمية .
ومن أدراه أن البخاري تأكد من سماعه للحديث المعنعن في جامعه ، ولم يدر أحد قبله بذلك قط ؟ إن هي إلا أماني وإن هم إلا يظنون ، ففي نكت ابن حجر على ابن الصلاح ص 255 :
"قال صدر الدين بن المرحل في كتاب الإنصاف : (إن في النفس من هذا الاستثناء غصة ، لأنها دعوى لا دليل عليها ، ولاسيما أنا قد وجدنا كثيراً من الحفاظ يعللون أحاديث وقعت في الصحيحين أو أحدهما بتدليس رواتها) .
وقال ابن دقيق العيد : (لابد من الثبات على طريقة واحدة ، إما القبول مطلقاً في كل كتاب ، أو الرد مطلقاً في كل كتاب ، وأما التفرقة بين ما في الصحيحين من ذلك وبين ما خرج عنه فغاية ما يوجه به أحد أمرين ، إما أن يدعى أن تلك الأحاديث عرف صاحبا الصحيحين صحة السماع فيها ، وهذه إحالة على جهالة وإثبات أمر بمجرد الاحتمال ، وإما أن يدعى أن الإجماع على صحة ما في الكتابين دليل على وقوع السماع في هذه الأحاديث ، لكن هذا يحتاج إلى إثبات الإجماع وهذا فيه عسر) .
وقال السبكي في أسئلته للحافظ المزي : (وسألته عما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعناً : هل نقول إنهما اطلعا على اتصاله؟ فقال : كذا يقولون ، وما فيه إلا تحسين الظن فيهما ، وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين لا توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح) " .
ح ـ قال : (رفضُ حديث الراوي لأنه مدلس قضية خطيرة) فإن كان يعني رفضَ حديثه كله حتى ما صرح فيه بالسماع فلم أقل بهذا ، وإن كان يعني رفض حديثه المعنعن فعلى هذا جمهور المحدثين ، والقضية الخطيرة إنما هي تشويه ثقافة المسلمين وتسميمها بقبول أحاديث المدلسين المعنعنين .
ط ـ جعل وصف الزهري بالتدليس طعنا فيه ، ولو كان كذلك لكان الإمام الشافعي طاعنا في الزهري لأنه وصفه بالتدليس ، ولكان الإمام شعبة بن الحجاج طاعنا في الصحابي أبي هريرة لأنه وصفه بالتدليس ، ولكان الإمام الذهبي طاعنا في الصحابة لأنه ذكر أن التدليس فيهم كثير ، ولكان الحافظ ابن حجر طاعنا في البخاري ومالك لأنه وصفهما بالتدليس . إن وصف الراوي بالتدليس ليست طعنا فيه لا في عدالته ولا في ضبطه ، إنما هو طعن في عنعنته ، فهو ثقة ، وما صرح بسماعه مقبول منه ، وأما ما عنعنه فمتوقف فيه ، وعلى ذلك جمهرة المحدثين .
ي ـ زعم أن أباً لحاتمٍ قال : ذكره ابن حبان في الثقات، ولا يُدرَى من حاتم هذا ؟ ومن أبوه ؟ وليس هو الرازي لأنه متقدم على ابن حبان ، ولا ابن حبان نفسه لأنه لا يقول عن نفسه : ذكره ابن حبان .
ك ـ استدل بوصفي بأني مجهول على لزوم رفض قولي لجهالتي تطبيقا لقواعد علم الحديث ، فخلط بين الخبر يأتي به مجهول والبرهان يأتي به هذا المجهول .
والصواب أن البرهان يقبل من المجهول ومن الكافر ، وقد قبله الله ممن قال لهم ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ، ولو قال الشيطان لا إله إلا الله لقلنا له صدقت ، ولو قال العشرة أكثر من الواحد لقلنا له أيضا صدقت ، ولو أرسل الله القرآن الكريم مع شيطان رجيم وليس مع محمد الأمين للزمتنا به الحجة ؛ لأن الدليل على كونه من عند الله ليس شهادة النبي بذلك ، بل مواصفاته الربانية المعجزة للإنس والجن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، تلك المواصفات التي تقهر عقولنا وضمائرنا وألسنتنا وجلودنا ولحومنا وعظامنا ودماءنا على الإذعان والإقرار بألسن الحال والمقال بأن هذا لا يخرج أبدا إلا من إله لا إله إلا هو .
ل ـ وصف بالخطإ الفادح تقريري أن طرق رواية الحديث 234 وتجاهل أني تحفظت فقلت : (من خلال موسوعة خاصة على حاسوب به نحو 265000 طريق) ولم يبرز من المواضع الزائدة في برنامجه ما يبطل دعواي . علما بأنه قد أنفق على برنامجه مئات الآلاف بينما برنامجي جهد فردي لمقل .
م ـ ليته بدلا من السب والقذف والفخر الجلي والخفي قد شغل نفسه باستخراج طريق من الطرق الستمائة التي ذكرها في برنامجه جوامع الكلم ليستعين بها في نقده .
على كل حال جزاه الله خيرا فقد كان مقاله سببا في معاودة تحقيق الحديث من جديد بعد اعتبار الطرق التي أشار إليها والموجودة في برنامجه المذكور نصحا لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم بل وللناس أجمعين ، فكانت بعونه تعالى النتيجة المنشورة هنا آنفا ، والتي أكدت ما كان قبل نحو ست سنوات ، قبل الحرب على العراق واحتلاله .
ألا إن الإسلام طائرة مخطوفة لا يدرى متى تحط ولا كيف ؛ ألا وإن ثقافة المسلمين موبوءة بآفات ـ وإن شئت فقل بفيروسات ـ أفسدت علاقة المسلمين بربهم ولا تزال ، وعلاقتهم بغير المسلمين ولا تزال ، وعلاقة بعضهم ببعض ولا تزال .
هذه الآفات معان باطلة منسوبة بالباطل إلى ألفاظ القرآن الكريم وأقوال باطلة منسوبة بالباطل إلى نبي الإسلام الكريم .
ومن هذه الأقوال أو تلك الآفات أو الفيروسات حديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله .
أما إفساده علاقة المسلمين بربهم فإبطاله حجة الله على الكافرين بتسببه في تشويه سماحة وجمال وجلال وكمال دينه ، إذ انصد عن سبيل الله بسبب هذا الحديث عقلاء ظنوه جزءا أصيلا من دعوة الإسلام ووجدوا الإسلام معه متهاترا ينقض بعضه بعضا ، فقالوا : إن هذا التهاتر وذاك التناقض لا يخرج من إله أبدا ؛ فأعرضوا فكفروا بسببه وهم ـ ربما ـ معذورون ، لقوله تعالى : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) أي رسولا برسالة نقيم بها الحجة على الناس ، لا رسولا برسالة يشوهها جيل ثم يراد إقامة الحجة بها بعد تشويهها على سائر الأجيال التي تليه .
وإما إفساده علاقة المسلمين بغيرهم فمنذ حول بنو أمية والعباس دعوة الإسلام من رسالة هداية ، إلى مشروع سيطرة وسيف سلطان ، جرَّده سلف المسلمين على سلف الناس المسالمين ، فصدوهم به عن سبيل الله أمس ، منذئذ حلت الحرب محل البر الذي أحله الله بين المسلمين والكافرين المسالمين بقوله : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) حتى دالت سنن الزمان ، ودالت بدَوْلِها الدول . حتى ضعف من كان قويا ، وقوي من كان ضعيفا ، فطفق خلف الناس يردون لخلف المسلمين الصاع صاعين ، ولا يزالون إلى اليوم . وسيظلون كاتمين لأنفاس المسلمين كي لا تقوم لهم قائمة يُفعِّلون بها من جديد إكراههم في الدين ومقاتلتهم حتى يقولوا لا إله إلا الله .
وأما إفساده علاقة بعض المسلمين ببعض فاسأل السنة والشيعة والإباضية وغيرهم وحدث ولا حرج .
إن كل خبر يخالف القرآن باطل ، خاطئ من رواه معتقدا صحته ، وبالتالي فكل خبر منسوب إلى رسول الله صلعم يخالف القرآن باطل ، خاطئ من اعتقد صحة نسبته إلى النبي صلعم ، حتى لو صحت أسانيده ، لأن مصطلح الصحة ظاهر حال لا يعني ضمان موافقة حقيقة الحال ، فقد يصح الخبر في الظاهر بينما هو في حقيقة الحال كذب باطل ، وجمهور المحدثين يقرون بذلك ؛ ولأجل ذلك يشترطون لصحة الخبر ألا يناقض القرآن ، ولقد كان يكفي أولي الأحلام والنهى إبطالا لنسبة هذا الخبر إلى النبي مناقضته لنصوص القرآن (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (مَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ) (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر) (مَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارا) أي في الآخرة لا في الدنيا . الخ سائر النصوص القرآنية ، التي تكفل حرية الفكر والعقيدة ، حتى حرية الإيمان بالكفر ، أو حرية الكفر بالإيمان .
في ترجمة موسى بن عبيدة في تهذيب الكمال للمزي[07537] قال الجوزجاني سمعت ابن حنبل يقول لا تحل الرواية عن موسى فقلت : سفيان يروي عن موسى ويروي شعبة عنه قال لو بان لشعبة ما بان لغيره ما روى عنه .
انتهى ما قال أحمد ، ونحن كما قال وعلى منواله حذو القذة بالقذة ، نقول لمن وثقوا رواة هذا الخبر بسبر جزئي لبعض مروياتهم ، نقول لهم : لو بان لكم ما بان لغيركم في هذا الخبر لما وثقتموهم بهذا السبر الجزئي ذلكم التوثيق المطلق الذي سحبتموه حتى على روايتهم لهذا الخبر المخالف للقرآن المكذب للقرآن .
لقد دفعني إيماني بأن الله يأبى أن يمكن الباطل من دلائل الحق ؛ لأن هذا التمكين يلبس الحق بالباطل ، ودفعني إيماني بأنه جل في علاه عن لبس الحق بالباطل متعال منزه مقدس ، فقلت : إذن لن يصح إسناد أي باطل ، وهذا ما تبين بعد بحث حثيث وصبر جميل لله وحده الحمد والمنة عليهما في الأولى وفي الآخرة .
إن لكلام الله نورا ولكلام رسوله نورا ، وهذا الحديث ظلمات بعضها فوق بعض ، فلا يشبه كلام رسول الله الكريم ولا معاني كتاب الله الأكرم .
هذا ما بدا لي ، فمن جاءني بأهدى منه تبعته واستغفرت الله من هذا الذي بدا لي .
هذا هو إسلامي ، فيا من لا ترون إسلامي هذا إسلاما لكم دينكم ولي دين ، ويا من آذيتموني ولا تزالون تتحينون أذاي وما تنقمون مني إلا إسلامي هذا إن الموعد الله .
انتهى مشروع رد الباحث على رد مجلة التوحيد المصرية على مقال في جريدة المصري اليوم .
كذب جمال البنا و تابعه متولى ابراهيم فى الطعن على حديث أمرت أن اقاتل الناس
اعداد محمود المراكبى
أفسحت إحدى الجرائد للأستاذ جمال البنا مقالا يوم السبت الموافق22/11/2008 ،
ولم تفسح المجال للرد عليه،
فآثرنا أن ننشره في حصن السنة ومعقلها الأخير مجلة التوحيد التي نسأل الله أن يديمها والعاملين عليها لنصرة النبي ، والأستاذ البنا شخصية يدور حولها كثير من الجدل بين أوساط المسلمين
لأنه يحوم حول الشبهات ولا يحدثنا إلا بالغريب منها بل والشاذ من آراء الفقهاء، فتارة يحل التدخين في نهار رمضان، ويحل قبلة المرأة الأجنبية، وتارة يرفض الحديث الصحيح الذي أخذته الأمة بالقبول طوال تاريخها، لأنه بعقله القاصر لا يوافق القرآن،
واليوم يفاجئنا بمقالة في علم الحديث ويستعين بمجهول في الأبحاث ويفرد المقالة للأستاذ متولي إبراهيم الذي خدم السنة بالكمبيوتر،
ومع أنني أعمل من عشرين سنة في مجال تطويع الحاسب حققت خلالها برنامج جوامع الكلم الذي يضم كتاب ومخطوط من مصادر الحديث وهو يعد أضخم خدمة للسنة من أربعة عشر قرنا من الزمان،
ويعد درعا لحماية السنة من الأقزام الذين يهاجمونها،
وسنثبت بالدليل الدامغ أن الأستاذ البنا وتابعه متولي لم يحققا إلا الخيبة والخسران
فحديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ،
يريد الأستاذ البنا أن يمحوه من الوجود لأنه يصادم عقولهم المريضة بدعوى أنه يخالف حرية الاعتقاد، والحديث لو فهماه كما دلت عليه ألفاظ الحديث، لما لفقا التحقيق الذي نشر،
وسنشرح الحديث ولكن بعد أن نبين الكذب في مقالة البنا
ذكر الأستاذ البنا ومتولي أن عدد طرق رواية الحديث 234
وهو خطأ فادح فعدد طرقه وفق نتائج برنامج جوامع الكلم هو 631 طريقًا،
منها 154 طريقا صحيحا وفق أصول وقواعد المحدثين، و 258 طريقا حسنا، ومنها 174 طريقا ضعيفا، و 41طريقًا شديد الضعف، ومنها6 طرق فيها وضاع أو متهم بالوضع، والحديث لو صح له طريق واحد يعد صحيحا فما بالك ونحن أمام 154 طريقا و 258 طريقا حسنا حكمه حكم الصحيح ولا ريب، فنحن لدينا 412 طريقا ما بين صحيح وحسن، هذه هي الزلة الأولى،
والثانية أنه أخفى عدد الصحابة الذين رووا الحديث،
وهو 27 صحابيًا أي حديث متواتر،
والتواتر هو استحالة اتفاق رواته على الكذب، ويكفي أن الإمام البخاري رواه 6 مرات في صحيحه،
وفي كل المواضع تصريح بالسماع،
في أربعة أحاديث منها ابن شهاب الزهري
الذي يطعن فيه البنا ومتولي،
وهذا يثبت الكذب المتعمد، فهو يقول ولم يصرح بالسماع، والزهري يصرح بالسماع من شيخه فيقول
في الحديثين الأول والثاني حدثنا،
وفي الحديث الثالث والرابع أخبرني،
وهما ينطقان بالسماع ولكن
«فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» الحج
الحديث الأول رقم ونصه
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة َرضي الله عنه، قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍرضي الله عنه وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ، وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
الحديث الثاني
رقم ونصه حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَنْ، قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
الحديث الثالث رقم ونصه
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
الحديث الرابع رقم ونصه
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ،
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لأبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
والحديث أيضا رواه الإمام مسلم رواه خمس مرات في صحيحه، والترمذي رواه مرات وقال في الأربعة المواضع وهذا حديث حسن صحيح، وأبو داود رواه مرات، والنسائي راوه في المجتبى مرة، وفي السنن الكبرى مرة، وابن ماجة في مرات، والدارمي مرة، وأحمد بن حنبل في مسنده في موضعًا
والأستاذ البنا يعرفنا بتابعه متولي إبراهيم
بقوله باحث كفؤ ومجهول،
أما كونه كفؤًا فقد أدركنا ضعف بحثه ومخالفته لمنهج علماء الحديث،
والأستاذ البنا حكم
عليه بالضعف قبل أن يقدمه
حسب منهج المحدثين فالرواي المجهول يضعف الإسناد لجهالة الراوي،
ومع أني أعرف العاملين في مجال خدمة السنة بالحاسب الآلي وكلهم تلاميذي ولا فخر، فلم@ أسمع يوما طوال العشرين سنة الماضية عن باحث اسمه متولي إبراهيم،
وفي أي مؤسسة يعمل،
وهل اطلع العلماء على عمله، وأقروا بسلامة منهجه،
اعتقد أن الأستاذ البنا قد ضيع الباحث ووضعه في خانة من يحب الغرائب، وأخرجه من حيز العدالة، إنه يقول إن تحفة الأشراف و إتحاف المهرة لا يشفيان غليله
تبقى نقطة لم يستوعبها البنا
وهي قضية التدليس التي راح ينعت الحفاظ بها ويرفض حديثهم،
فالتدليس نوعان
تدليس شيوخ وتدليس تسوية،
والنوع الأول لا خوف منه إذا عنعن الراوي عن شيخه، وصرح بالسماع في إحدى طرق الرواية فتنتفي شبهة تدليسه في هذا الحديث،
ورواية البخاري لأي مدلس يجبر تدليسه لأنه لا يروي عن مدلسين لأنه يتأكد من سماعه للحديث
وقضية رفض أحاديث الراوي لأنه مدلس قضية خطيرة، فابن شهاب الزهري يقول عنه علماء الحديث
قال ابن حجر العسقلاني
في التقريب الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه
وقال ابن منجويه كان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقا لمتون الأخبار
وقال الذهبي أحد الأئمة الأعلام، وعالم أهل الحجاز والشام
وقال الليث بن سعد المصري ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب ولا أكثر علما منه
وقال أبو بكر الهذلي جالسنا الحسن وابن سيرين فما رأينا أحدا أعلم من الزهري
وقال أبو حاتم الرازي الزهرى أحب إلي من الأعمش يحتج بحديثه وأثبت أصحاب أنس الزهري، وسئل عن الزهرى عندك فقيه فقال نعم فقيه وجعل يفخم امره
وقال أبو حاتم ذكره ابن حبان في الثقات وقال رأى عشرة من أصحاب رسول الله وكان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقا لمتون الأخبار وكان فقيها فاضلا روى عنه الناس، وقال أبو داود السجستاني عن الزهري أحسن الناس حديثا
وقال أيوب بن أبي تميمة السختياني ما رأيت أحدا أعلم من الزهري
وقال سفيان بن عيينة لم يكن في الناس أحد أعلم بسنة منه
وقال عمرو بن دينار الأثرم ما رأيت أنص للحديث منه وقال قتادة بن دعامة السدوسي، ما بقى على ظهرها إلا اثنان الزهرى وآخر
وقال الإمام مالك بن أنس بقى ابن شهاب وماله في الدنيا نظير، ومرة أول من أسند الحديث ابن شهاب
وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي الزهري ثقة كثير الحديث والعلم فقيه جامع
أليس من غير المعقول أن يكون هذا رأي هؤلاء الأعلام في الإمام الزهري ويتجرأ البنا ومتولي كذبا وزروا وبهتانا على أعلامنا شهوة ورغبة في الظهور وإعلانا للغرائب
أما الحديث الذي نتحاور حوله فهو أمرت أن أقاتل الناس وليس أقتل الناس،
فقتل الناس لم يرد عن النبي ويخالف جميع الشرائع، ولا يمكن أن يكون مراد النبي من الحديث،
وإنما نص الحديث ورد بلفظة أقاتل الناس، وشتان بين المعنين، ففعل أقاتل معناه أن طرفا يقاتلك عن دينك ليثنيك عنه فمرحبا بالقتال عندئذ، والزود عن المعتقد أسمى أنواع المقاتلة، فالبنا لا يفهم اللغة ولا يعرف الحديث ويحلو له أن يصف نفسه بالمفكر الإسلامي،
فالرجل ليس مفكرا وليس إسلاميا فبضاعته مزجاة،
فالرجل يشابه المستشرقين الذين يحقدون على الإسلام،
ولا ينصفونه فأصبح وجهه من الوجوه المكروهة بين الإسلاميين
أما آن للبنا أن يتوب إلى الله، ويستعد للقائه، ويكف عن التفكير الذي يسميه وحده بالإسلامي، وإذا تركناه لتفكيره فسينقضي أجله ويهلك كما هلك من قال الله فيهم
«وكنا نخوض مع الخائضين»
المدثر
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مجلة التوحيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما جوابي على هذا المقال في حينه فكان كما يلي :
قد نشرت جريدة المصري يوم 22/11/2008 مقالا بِشأن هذا البحث ردت عليه مجلة التوحيد المصرية عدد المحرم 1430هـ بمقال نصه ما يلي :
[ يكتب هنا مقال جريدة التوحيد ] @ . ورد كاتب البحث ما نصه ما يلي :
رفع الالتباس في حديث أمرت أن أقاتل الناس
الأقزام . الخيبة والخسران . عقولهم المريضة . الزلة . الكذب المتعمد . عمى القلوب كذبا وزورا وبهتانا وشهوة ورغبة في الظهور . وجهه من الوجوه المكروهة بين الإسلاميين .
هذا هو الإرث الثقافي الذي غلب على أدبيات خطابنا نحن المتدينين ، حتى لم نعد نحسن سواه ، تعويضا عن فشلنا في إدارة حوار موضوعي منطقي عقلاني .
فها هي عباراتهم في الصفحة الأولى وما بعدها من مجلة التوحيد المصرية عدد المحرم 1430هـ ، تعليقا على مقال في الصفحة الخامسة من جريدة المصري اليوم عدد 22/11/2008 . ولست أنكر عليهم ولا على غيرهم حقهم في أن يجتهدوا وينتقدوا ؛ ولكن عليهم أن يتحملوا من العيب والعذل واللوم ما يستحقه من يقحم نفسه فيما لا يحسن ؛ فليسوا من علم الحديث أو علم اللغة في عير ولا نفير ، والبيان كما يلي :
أ ـ زعم زاعمهم 154 طريقا صحيحة و 258 طريقا حسنة ، والجواب أنها ما من طريق منها إلا وفيها راو مجهول عينه ، أو معلوم عينه مجهول حاله ، أو معلوم عينه وحاله غير ثقة ، أو ثقة مرسل ، أو مدلس معنعن ، أو شاذ مخالف لأوثق منه ، أو مخالف خبره لخبر القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟ .
ب ـ زعم تصريح ابن شهاب بالسماع في أربعة مواضع أوردها ، وجوابه أن اثنين منها يدوران على شعيب بن أبي حمزة والآخران على الليث بن سعد ، وشعيب والليث كلاهما مدلس معنعن ، وبالتالي لم يصح عن الزهري أنه صرح بالسماع . ولأجل ذلك لم أنسب إليه المواضع الأربعة التي توهم الزاعم أنه استدركها ، وإنما نسبت منها اثنين إلى شعيب ضمن قولي : (منها تدور 16 على شعيب) واثنين إلى الليث ضمن قولي : (ومنها 3 على يحيى عن الليث و11 على قتيبة عن الليث) وذكرت أن شعيبا والليث مدلسان معنعنان .
ج ـ زعم إخفائي 27 صحابيا رووا الحديث ، والجواب أنه ما من إسناد صح عن صحابي أنه سمع أو روى هذا الحديث عن النبي صلعم ، فكيف أنسب إلى الصحابة ما لم تصح أسانيده إليهم ؟ .
د ـ زعم أن معنى المقاتلة لغة الرد على البدء بالعدوان فقال : فِعْلُ أقاتل معناه أن طرفا يقاتلك عن دينك ليثنيك عنه ، فجعل بذلك قوله تعالى : (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) في معنى : (ولا تردوا على بدئهم العدوان عليكم عند المسجد الحرام حتى يردوا على بدئكم العدوان عليهم فيه فإن ردوا على بدئكم العدوان عليهم فاقتلوهم) وهذا لغو ينقض بعضه بعضا ، فما أدى إليه باطل . إنما المقاتلة مفاعلة تعني وقوع الفعل من أكثر من طرف وليس فيها أي دلالة تميز المعتدي من المعتدى عليه .
هـ ـ لوح بدعوى التواتر وتلقي الأمة له بالقبول كمن لوحوا بقميص عثمان بعد التقصير في نصيحته ثم الفشل في حمايته ، وأي تواتر يعنيه وأحبار الأمة مختلفون في شروط التواتر وفي العدد الذي ينعقد به ، فقيل خمسة وقيل بل اثنا عشر وقيل بل أربعون وقيل بل سبعون وقيل بل ثلاثمائة وقيل بل ألف وستمائة وقيل بل بحيث لا يحصيهم عدد ولا يحويهم بلد ؟ وقال الجمهور بل العدد غير مشروط إنما المشروط أن يستحيل تواطؤ العدد على الكذب ثم لم يعينوا معيارا لكيفية التأكد من توافر هذه الاستحالة ؛ فبقيت هذه الكيفية وذاك المعيار وتلك الاستحالة ، محل اجتهاد وتفقه ونظر ، واختلاف باختلاف كل مجتهد متفقه ناظر ، وباختلاف كل خبر ؛ فرجع الأمر إلى الظن أو ظاهر العلم .
والجمهور لا يشترطون في رواة المتواتر لا إسلاماً ولا عدالة ؛ فيلزمهم الإيمان بدعوى صلب المسيح ؛ لتواترها تواتراً يشمل كل اليهود والنصارى ، وهم في كل زمان أكثر عددا ممن يقولون محمد رسول الله .
إن الفرية يفتريها المفتري وينسبها إلى النبي صلعم ، على خلفية هوى سياسي أو اجتماعي ، ثم يشيعها هواتها ، ويحمونها إن كانوا حكاما من أن ينتقدها أحد فتتواتر ، ثم تنتقل شائعة متواترة بعد ذلك من جيل إلى جيل ، فيغفل رائم الحقيقة عن المفتري الأول والهواة المشيعين الحماة الأولين ، وينشغل بالتواتر الشائع في الأجيال التالية .
والصواب أن يقال إن احتمال تواطئ نقلة المتواتر على الكذب أضعف من احتمال تواطؤ نقلة الآحاد عليه ، وكلما زاد العدد كلما ضعف ذلك الاحتمال ، فيضعف ضعفاً شديداً إذا زاد العدد زيادة كبيرة ، لكن ليس هناك حد في العدد ، بحيث إذا انتقل العد إلى عدد أكبر منه برقم واحد انتقل تبعاً لذلك احتمال التواطئ من الضعف الشديد إلى الاستحالة .
نعم يمكن أن يضعف الاحتمال جداً جداً ، ويقترب من الاستحالة جدا جدا ، كلما زاد العدد أكثر فأكثر ، ويمكن عندئذ أن يقال إن الاحتمال ضعيفٌ جداً جداً ، مقتربٌ من المستحيل جدا جدا ، لكن لا يحق القول بأن الاحتمال صار مستحيلاً ، لأنه لا يصح أن يقال إن العدد صار بلا حد .
وبناء عليه يحق أن يقال : إن الخبر المتواتر يقترب من اليقين كلما زاد العدد ، لكن لا يحق القول بأنه صار يقيناً ، بل هو باق في حدود الظن وظاهر العلم مهما قارب اليقين .
و ـ قال : (رواية البخاري لأي مدلس تجبر تدليسه لأنه لا يروي عن مدلسين) مقررا بصدر العبارة أن البخاري يروي عن المدلسين وبعجزها أنه لا يروي عنهم ، فأي طرفي العبارة نصدق ؟ .
ز ـ قال : (رواية البخاري لأي مدلس تجبر تدليسه لأنه يتأكد من سماعه للحديث) ولو تدبر لأدرك أنه اتهام منه للبخاري بأنه قد تأكد من سماع المدلس للحديث ، في رواية أخرى صرح فيها هذا المدلس بالسماع ، ثم بخل علينا فأخفى عنا الرواية النصوح المتضمنة دليل سماع المدلس ، تلك الرواية المصرح فيها بسماعه ولم يبرز لنا إلا الرواية العمياء والتدليس معناه التعمية .
ومن أدراه أن البخاري تأكد من سماعه للحديث المعنعن في جامعه ، ولم يدر أحد قبله بذلك قط ؟ إن هي إلا أماني وإن هم إلا يظنون ، ففي نكت ابن حجر على ابن الصلاح ص 255 :
"قال صدر الدين بن المرحل في كتاب الإنصاف : (إن في النفس من هذا الاستثناء غصة ، لأنها دعوى لا دليل عليها ، ولاسيما أنا قد وجدنا كثيراً من الحفاظ يعللون أحاديث وقعت في الصحيحين أو أحدهما بتدليس رواتها) .
وقال ابن دقيق العيد : (لابد من الثبات على طريقة واحدة ، إما القبول مطلقاً في كل كتاب ، أو الرد مطلقاً في كل كتاب ، وأما التفرقة بين ما في الصحيحين من ذلك وبين ما خرج عنه فغاية ما يوجه به أحد أمرين ، إما أن يدعى أن تلك الأحاديث عرف صاحبا الصحيحين صحة السماع فيها ، وهذه إحالة على جهالة وإثبات أمر بمجرد الاحتمال ، وإما أن يدعى أن الإجماع على صحة ما في الكتابين دليل على وقوع السماع في هذه الأحاديث ، لكن هذا يحتاج إلى إثبات الإجماع وهذا فيه عسر) .
وقال السبكي في أسئلته للحافظ المزي : (وسألته عما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعناً : هل نقول إنهما اطلعا على اتصاله؟ فقال : كذا يقولون ، وما فيه إلا تحسين الظن فيهما ، وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين لا توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح) " .
ح ـ قال : (رفضُ حديث الراوي لأنه مدلس قضية خطيرة) فإن كان يعني رفضَ حديثه كله حتى ما صرح فيه بالسماع فلم أقل بهذا ، وإن كان يعني رفض حديثه المعنعن فعلى هذا جمهور المحدثين ، والقضية الخطيرة إنما هي تشويه ثقافة المسلمين وتسميمها بقبول أحاديث المدلسين المعنعنين .
ط ـ جعل وصف الزهري بالتدليس طعنا فيه ، ولو كان كذلك لكان الإمام الشافعي طاعنا في الزهري لأنه وصفه بالتدليس ، ولكان الإمام شعبة بن الحجاج طاعنا في الصحابي أبي هريرة لأنه وصفه بالتدليس ، ولكان الإمام الذهبي طاعنا في الصحابة لأنه ذكر أن التدليس فيهم كثير ، ولكان الحافظ ابن حجر طاعنا في البخاري ومالك لأنه وصفهما بالتدليس . إن وصف الراوي بالتدليس ليست طعنا فيه لا في عدالته ولا في ضبطه ، إنما هو طعن في عنعنته ، فهو ثقة ، وما صرح بسماعه مقبول منه ، وأما ما عنعنه فمتوقف فيه ، وعلى ذلك جمهرة المحدثين .
ي ـ زعم أن أباً لحاتمٍ قال : ذكره ابن حبان في الثقات، ولا يُدرَى من حاتم هذا ؟ ومن أبوه ؟ وليس هو الرازي لأنه متقدم على ابن حبان ، ولا ابن حبان نفسه لأنه لا يقول عن نفسه : ذكره ابن حبان .
ك ـ استدل بوصفي بأني مجهول على لزوم رفض قولي لجهالتي تطبيقا لقواعد علم الحديث ، فخلط بين الخبر يأتي به مجهول والبرهان يأتي به هذا المجهول .
والصواب أن البرهان يقبل من المجهول ومن الكافر ، وقد قبله الله ممن قال لهم ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ، ولو قال الشيطان لا إله إلا الله لقلنا له صدقت ، ولو قال العشرة أكثر من الواحد لقلنا له أيضا صدقت ، ولو أرسل الله القرآن الكريم مع شيطان رجيم وليس مع محمد الأمين للزمتنا به الحجة ؛ لأن الدليل على كونه من عند الله ليس شهادة النبي بذلك ، بل مواصفاته الربانية المعجزة للإنس والجن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، تلك المواصفات التي تقهر عقولنا وضمائرنا وألسنتنا وجلودنا ولحومنا وعظامنا ودماءنا على الإذعان والإقرار بألسن الحال والمقال بأن هذا لا يخرج أبدا إلا من إله لا إله إلا هو .
ل ـ وصف بالخطإ الفادح تقريري أن طرق رواية الحديث 234 وتجاهل أني تحفظت فقلت : (من خلال موسوعة خاصة على حاسوب به نحو 265000 طريق) ولم يبرز من المواضع الزائدة في برنامجه ما يبطل دعواي . علما بأنه قد أنفق على برنامجه مئات الآلاف بينما برنامجي جهد فردي لمقل .
م ـ ليته بدلا من السب والقذف والفخر الجلي والخفي قد شغل نفسه باستخراج طريق من الطرق الستمائة التي ذكرها في برنامجه جوامع الكلم ليستعين بها في نقده .
على كل حال جزاه الله خيرا فقد كان مقاله سببا في معاودة تحقيق الحديث من جديد بعد اعتبار الطرق التي أشار إليها والموجودة في برنامجه المذكور نصحا لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم بل وللناس أجمعين ، فكانت بعونه تعالى النتيجة المنشورة هنا آنفا ، والتي أكدت ما كان قبل نحو ست سنوات ، قبل الحرب على العراق واحتلاله .
ألا إن الإسلام طائرة مخطوفة لا يدرى متى تحط ولا كيف ؛ ألا وإن ثقافة المسلمين موبوءة بآفات ـ وإن شئت فقل بفيروسات ـ أفسدت علاقة المسلمين بربهم ولا تزال ، وعلاقتهم بغير المسلمين ولا تزال ، وعلاقة بعضهم ببعض ولا تزال .
هذه الآفات معان باطلة منسوبة بالباطل إلى ألفاظ القرآن الكريم وأقوال باطلة منسوبة بالباطل إلى نبي الإسلام الكريم .
ومن هذه الأقوال أو تلك الآفات أو الفيروسات حديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله .
أما إفساده علاقة المسلمين بربهم فإبطاله حجة الله على الكافرين بتسببه في تشويه سماحة وجمال وجلال وكمال دينه ، إذ انصد عن سبيل الله بسبب هذا الحديث عقلاء ظنوه جزءا أصيلا من دعوة الإسلام ووجدوا الإسلام معه متهاترا ينقض بعضه بعضا ، فقالوا : إن هذا التهاتر وذاك التناقض لا يخرج من إله أبدا ؛ فأعرضوا فكفروا بسببه وهم ـ ربما ـ معذورون ، لقوله تعالى : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) أي رسولا برسالة نقيم بها الحجة على الناس ، لا رسولا برسالة يشوهها جيل ثم يراد إقامة الحجة بها بعد تشويهها على سائر الأجيال التي تليه .
وإما إفساده علاقة المسلمين بغيرهم فمنذ حول بنو أمية والعباس دعوة الإسلام من رسالة هداية ، إلى مشروع سيطرة وسيف سلطان ، جرَّده سلف المسلمين على سلف الناس المسالمين ، فصدوهم به عن سبيل الله أمس ، منذئذ حلت الحرب محل البر الذي أحله الله بين المسلمين والكافرين المسالمين بقوله : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) حتى دالت سنن الزمان ، ودالت بدَوْلِها الدول . حتى ضعف من كان قويا ، وقوي من كان ضعيفا ، فطفق خلف الناس يردون لخلف المسلمين الصاع صاعين ، ولا يزالون إلى اليوم . وسيظلون كاتمين لأنفاس المسلمين كي لا تقوم لهم قائمة يُفعِّلون بها من جديد إكراههم في الدين ومقاتلتهم حتى يقولوا لا إله إلا الله .
وأما إفساده علاقة بعض المسلمين ببعض فاسأل السنة والشيعة والإباضية وغيرهم وحدث ولا حرج .
إن كل خبر يخالف القرآن باطل ، خاطئ من رواه معتقدا صحته ، وبالتالي فكل خبر منسوب إلى رسول الله صلعم يخالف القرآن باطل ، خاطئ من اعتقد صحة نسبته إلى النبي صلعم ، حتى لو صحت أسانيده ، لأن مصطلح الصحة ظاهر حال لا يعني ضمان موافقة حقيقة الحال ، فقد يصح الخبر في الظاهر بينما هو في حقيقة الحال كذب باطل ، وجمهور المحدثين يقرون بذلك ؛ ولأجل ذلك يشترطون لصحة الخبر ألا يناقض القرآن ، ولقد كان يكفي أولي الأحلام والنهى إبطالا لنسبة هذا الخبر إلى النبي مناقضته لنصوص القرآن (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (مَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ) (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر) (مَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارا) أي في الآخرة لا في الدنيا . الخ سائر النصوص القرآنية ، التي تكفل حرية الفكر والعقيدة ، حتى حرية الإيمان بالكفر ، أو حرية الكفر بالإيمان .
في ترجمة موسى بن عبيدة في تهذيب الكمال للمزي[07537] قال الجوزجاني سمعت ابن حنبل يقول لا تحل الرواية عن موسى فقلت : سفيان يروي عن موسى ويروي شعبة عنه قال لو بان لشعبة ما بان لغيره ما روى عنه .
انتهى ما قال أحمد ، ونحن كما قال وعلى منواله حذو القذة بالقذة ، نقول لمن وثقوا رواة هذا الخبر بسبر جزئي لبعض مروياتهم ، نقول لهم : لو بان لكم ما بان لغيركم في هذا الخبر لما وثقتموهم بهذا السبر الجزئي ذلكم التوثيق المطلق الذي سحبتموه حتى على روايتهم لهذا الخبر المخالف للقرآن المكذب للقرآن .
لقد دفعني إيماني بأن الله يأبى أن يمكن الباطل من دلائل الحق ؛ لأن هذا التمكين يلبس الحق بالباطل ، ودفعني إيماني بأنه جل في علاه عن لبس الحق بالباطل متعال منزه مقدس ، فقلت : إذن لن يصح إسناد أي باطل ، وهذا ما تبين بعد بحث حثيث وصبر جميل لله وحده الحمد والمنة عليهما في الأولى وفي الآخرة .
إن لكلام الله نورا ولكلام رسوله نورا ، وهذا الحديث ظلمات بعضها فوق بعض ، فلا يشبه كلام رسول الله الكريم ولا معاني كتاب الله الأكرم .
هذا ما بدا لي ، فمن جاءني بأهدى منه تبعته واستغفرت الله من هذا الذي بدا لي .
هذا هو إسلامي ، فيا من لا ترون إسلامي هذا إسلاما لكم دينكم ولي دين ، ويا من آذيتموني ولا تزالون تتحينون أذاي وما تنقمون مني إلا إسلامي هذا إن الموعد الله .
انتهى مشروع رد الباحث على رد مجلة التوحيد المصرية على مقال في جريدة المصري اليوم .