إعداد دستور مصر . . . وإصلاح ذات بين المصريين . . . رؤية لأزهري
أ ـ بيننا عناصر مريبة تقود ثورة تخريبية ضد ثورة الشعب السلمية تشيع الكراهية لتهدم الدولة وتحقق الفوضى .
ب ـ ولأني مسلم وأحلم بيوم يكون فيه حكم مصر والعالم كله للشريعة الإسلامية ولكن إقناعا لا إكراها ؛ لأنه ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [02/البقرة256]) لأني كذلك أناشد الأغلبية الإسلامية في مجلس الشعب أن تتوخى التوافق وأن تحرص عليه وتعض عليه بالنواجذ طوال السنوات الخمس المقبلة مع الأقليات غير المسلمة وغير الإسلامية حتى وإن تعسفت هذه الأقليات وأعني بالأغلبية الإسلامية تيارات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) والسلفيين (النور) وبالأقليات غير المسلمة النصارى واليهود والبهائيين وسائر من يؤمنون أو لا يؤمنون بأي دين ، وبغير الإسلامية من ولدوا لآباء مسلمين بأسماء محمد وأحمد ومحمود وسائر أسماء المسلمين لكنهم يرفضون الخضوع لبعض أحكام الشريعة الإسلامية.
ج ـ احذروا يا إسلاميون ؛ فأكثر مدبري الشغب الآن يتعجلون تسلمكم السلطة قبل الأوان ليربكوكم ثم يفعلوا بكم غدا ما يفعلونه بالجيش والشرطة الآن . انزعوا فتيل الفتنة بينكم وبين فرقائكم السياسيين لتكونوا معا أقوى من مدبري الشغب .
د ـ هل أخطأ الشيخ راشد الغنوشي وحزبه حزب النهضة التونسي حين صرحوا بعد نجاحهم في الانتخابات بأن أولويتهم ليست تطبيق الشريعة الإسلامية ولكن ضمان عدم عودة الدكتاتورية ؟
هـ ـ وهل أخطأ أردوغان التركي حين صرح بأنه مسلم بصفته الشخصية علماني بصفته رئيسا للوزراء ؟
و ـ لقد قرأنا ومنذ بدأنا مشوار التعلم في السنة الأولى الابتدائية لا نزال نقرأ قرآننا الكريم يقول ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ [106/قريش3/4]) ومعناه أن توفير الطعام والأمان مقدم على دعوة الناس إلى عبادة الله ومنها الخضوع لشريعة الله . فلا حكمة في تضمين قانون العقوبات عقوبة سارق سرق لأنه لا يجد ثمن الغذاء أو الكساء أو الدواء ، أو عقوبة شاب زنا لأنه لا يجد عملا يوفر له مهرا لزوجة ونفقة لعش زوجية ، ولا خير في مصري مسلم ينفق عشرات الآلاف في الحجج والعمرات لا سيما النوافل بينما في مصر معدِم لا يجد الغذاء وآخر لا يجد الكساء وثالث لا يجد الدواء ورابع شاب لا يجد العفاف . . وهلم جرا .
ز ـ لقد واكبنا التشريع الإسلامي وهو يتدرج مع الناس في طورين مكي ثم مدني ، ويتدرج معهم خلال فترات كل طور من تشريع إلى آخر وفق استجاباتهم المتدرجة والمنسجمة مع قناعاتهم الحرة فترة تلو فترة برضا لا إكراه فيه بل وبطلب منهم
ح ـ إن لم يدرك الإسلاميون دلالة هذين الدليلين القرآنيين فإني آمل أن يدركوا دلالة قوله تعالى (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [16/النحل106]) مع ما فعله جبابرة العالم أمس البعيد بالعالم الإسلامي في الحروب الصليبية ، وأمس القريب بتجربة طالبان التي دمرت أفغانستان ، وتجربة النميري التي قصمت السودان ، وتجربة جبهة الإنقاذ التي أعلن بعض قيادييها كفرهم بالديمقراطية فور نجاحهم في الانتخابات بواسطتها فكان في الجزائر ردا على كفرهم هذا ما كان ولا يزال كائنا .
ط ـ لا جرم أن الله تعالى قد وعد عباده فقال (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ [09/التوبة28]) حين كلفهم سبحانه بما يهدد أرزاقهم إذ قال (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا [09/التوبة28])
1 ـ ولكن الله تعالى لم ينزل عليهم هذا التكليف إلا في السنة الأخيرة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، أي بعد نحو اثنتين وعشرين سنة من بعثته الشريفة ، أي بعد أن توافرت لهم أسباب حماية الطعام والأمان من مخاطر التهديد والإجهاض .
2 ـ ولا جرم أن الله كان قادرا على تكليفهم هذا منذ السنة الأولى وعلى أمانهم هذا بدون الأسباب ؛ لكنه بمقتضى علمه وحكمته أراد تشريع ابتغاء السبب فأرجأ هذا التكليف إلى أن تحققت أسبابه، وقد نوه بذلك فقال (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[التوبة28])
3 ـ وهذا عين ما يريده هذا العليم الحكيم منا الآن في مصر ، أن نبتغي الأسباب ؛ لنكون أهلا لوعده الذي وعده لسلفنا ولئلا نعرض ما بنيناه للهدم وما أنجزناه للإجهاض ؛ ولئلا نخسر كل ما ربحناه بسبب تعجلنا وإهمالنا أسباب سائر ما نتمناه .
ي ـ أناشد الإسلاميين أن يعرضوا على الآخرين كل ما يتمنون تطبيقه من أحكام الشريعة بصفتها قوانين أغلبية يحق لها وفقا للديمقراطية أن تحكم الشأن العام المشترك بين الجميع ، فما قبلوه ووافقوا عليه جعلناه جزءا نهائيا في الدستور والقوانين ، وما رفضوه ونازعوا فيه أرجأناه إلى مجلس الشعب القادم بعد خمس سنوات ، بعدما نصل بمصرنا معا بر الأمان .
ك ـ وخلال السنوات الخمس هذه لن نقف مغيبي العقول مشلولي الضمائر ؛ بل سنُجري في نيلنا مياهًا كثيرة :
1 ـ سنتعاون على توفير الطعام والأمان معا، فنقوَى معا ، فيستغني الإسلاميون عن عون الخليجيين وغيرُهُم عن عون الأمريكيين والأوروبيين ، فنتعافى معا من عار اتهام الإسلاميين لغيرهم بالعمالة للغربيين واتهام غيرهم لهم بالعمالة للوهابيين
2 ـ سندخل جميعا معا في حوارات طويلة عريضة عميقة ، حول كل شأن يجمعنا أو يفرقنا يؤمننا أو يخيفنا ينفعنا أو يضرنا ؛ لتفعيل وتطوير وتكريس كل ما يجمعنا ويؤمننا وينفعنا ، ولتخفيف وتضييق وتبديد كل ما يفرقنا ويخيفنا ويضرنا .
3 ـ سيدخل كل فصيل منا في حوار ذاتي داخلي بين أعضائه معزول عن سائر الفصائل ؛ لأنه لا فصيل إلا وفيه آراء متعددة يستحق بها أن ينقسم إلى فصائل متعددة ، فالإسلاميون مذاهب لا مذهب واحد وبالتالي فرق لا فرقة واحدة ، وكذلك النصارى مذاهب لا مذهب واحد وبالتالي كنائس لا كنيسة واحدة ، وكذلك الليبراليون والعلمانيون واليساريون . . وهلم جرا
4 ـ وبهذه المحاورات الذاتية الداخلية المعزولة داخل كل فصيل سينضج كل فصيل منا لنفسه رؤية رشيدة .
5 ـ ثم سيدخل كل فصيل مع سائر الفصائل في حوارات منفتحة طويلة عريضة عميقة ، بعد إنضاج كل فصيل لرؤيته.
6 ـ وبهذه المحاورات المنفتحة الرشيدة من كل فصيل مع كل فصيل آخر سنبلور معا رؤية لنا جميعا أهدى وأرشد .
7 ـ سيدعو كل إلى ما يريد ثم يختار الشعب (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ[الرعد17])
8 ـ سيظهر كل فصيل على حقيقته ولن يستطيع أي فصيل خداع الشعب بالتظاهر بخطاب توافقي في العلن بينما يمارس بين خاصته خطابا إقصائيا مدمرا ، فلن يستطيع إسلامي ادعاء السماحة على الملأ بينما يتحدث بين إخوانه في الغرف المغلقة عن تحصيل الجزية من شركائه المسالمين في الوطن وإقامة حد الردة على من يجاهر بحقه في حرية الاعتقاد ولا جزية ولا حد ردة في الإسلام أصلا على كتابي مسالم أو مرتد مسالم، ولن يستطيع علماني ادعاء احترامه لهوية المجتمع وعاداته وآدابه العامة على الملأ بينما يمارس بين خاصته في الغرف المغلقة خطابا يسب هذه العادات وأفعالا تنتهك تلك الآداب ولن يستطيع سياسي متدين استغلال تدين البسطاء لمكاسب سياسية ، ولن يستطيع ملحد لا يؤمن بإله استغلال أميتهم لإخفاء مخططات لإشاعة الفاحشة في مصريين متدينين نصارى ومسلمين .
9 ـ سينكشف من هم التوافقيون الديمقراطيون المتسامحون ؟ ومن هم الإقصائيون الاستبداديون المتعسفون ؟
10ـ سينكشف من هم الذين يحترمون حقوق الأقليات ؟ ومن هؤلاء الذين يعتدون على الديمقراطية وعلى الأغلبية ؟ من هم الصادقون في ديمقراطيتهم؟ ومن الذين يتشدقون بها بينما يحتقرون الأغلبية ويزدرون إرادة الشعب ويستبدون برأيهم؟
11 ـ سيترشح كل راغب في الانتخابات القادمة وقد انكشف أصله وفصله وقصته وخطته فيسهل على الشعب الاختيار وبالتالي ستفرز الانتخابات القادمة حقا نوابا أصدق تمثيلا من نواب اليوم وأبعد من شبهة تزوير يزعمها بعض ومن شبهة عدم عدالة يزعمها بعض آخر ، وبالتالي سيكون نواب المجلس القادم أقدر وبهدوء على معالجة ما سنعجز عن التوافق عليه اليوم .
12ـ ستحرص أقليات اليوم كل الحرص على أخلاقيات الأداء السياسي المسئول وستحذر كل الحذر من الأداء المتعسف ومن المراهقات والمزايدات والمهاترات والمكايدات لتنال من الشعب ثقة تفتقدها الآن وستحرص أكثرية اليوم كل الحرص على أخلاقيات الأداء السياسي المسئول وستحذر كل الحذر من الأداء المتعسف لتحتفظ بثقة شعب نالتها الآن ولتعزز من هذه الثقة .
13 ـ سيختفي من أخلاقنا أدب رفع الأحذية والألفاظ النابية والحركات الخادشة للحياء ونصرة البلطجة لأنها تهتف لنا .
14 ـ لقد كانت الانتهاكات الانتخابية عارا وشنارا لوثا كل من تورطوا فيها ، وإن كان البعض قد ربحوا بها بعض المقاعد ظلما وعدوان وكذبا وتدليسا وسلبا ونهبا ، فلا جرم أنهم قد خسروا بها ما لا يعلمه إلا الله من المصداقية .
15 ـ إنني رغم الغيوم أرى في الأفق لائحات بشائر ، يتمثل بعضها في إعلان الإخوان عدم المساس بالنشاط السياحي طوال السنوات الخمس المقبلة ، وفي إنكار السلفيين علاقتهم بما أشيع من هيئة إكراه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي تصريح الكتاتني الإخواني رئيس مجلس شعب الثورة بأن الدستور يجب أن يكون توافقيا وألا يفرق بين المصريين وليت الأيام القليلة القادمة تثبت لنا أن الإخوان والسلفيين سيقطعون الشوط إلى منتهاه في سياستهم الشرعية الحكيمة تلك ؟
16 ـ أثق أن الكثير من حالات الكيد والتعسف والعناد الماثلة سيتوارى من خطاب الأقليات وأدبياتها إذا وثقت في توجه الأغلبية نحو الحرص على التوافق حتى وإن ضحوا ببعض حقوقهم التي منحهم الشعب إياها لضمان هذا التوافق .
17 ـ أثق أن الكثير من فجوات انعدام الثقة سيردم ، وأن الكثير من جسور الثقة سيمتد ، وأن الكثير من عوامل الحب سيزدهر، وأننا ربما نفاجأ بأننا جميعا نتنافس ولكن على التعاون المتبادل والحب المتبادل والتنازل المتبادل من كل فصيل للآخر
18ـ ألا يااا ليت عيناي تكتحل بيوم نكتب فيه دستورا وقوانين ثم لا نحتاج إليهما ، بيوم نحرص فيه على الإحسان الذي هو خير من العدل الذي نحتاج لأجله القوانين ، بيوم تنعدم فيه خصوماتنا فنهجر المحاكم فتخلو ساحاتها فتبور مهنة القضاء .
19ـ معذرة دعوني أحلم لمصرنا فهي تستحق منا أن نحلم لأجلها بما هو أبلغ حتى من الخيال وأعجب حتى من الأحلام دعوني أحلم ؛ فقد حرمنا من الأحلام لأجلها سنين عددا بتفرقنا بددا . حفظ الله مصر وحنن عليها أولادها وأهوى أفئدتهم إليها .
20 ـ ربما كنت في عداد القساة ؛ ولكني كتبت مقالي هذا لوطني بدموعي ، بعد أن فاتني أن أرويه مع شهدائنا بدمي .
ل ـ أنصح الأغلبية وأناشدها احترام حق كل أقلية في حكم شأنها الخاص ، وأنصح الأقليات وأناشدها احترام حق الأغلبية في حكم الشأن العام . رحم الله شهداءنا في عليين ، فلولا دماؤهم ما استعدنا مصرنا . اللهم قد بلغت . . اللهم فاشهد ! .
زاده تحريرا في18/10/2012 بالقاهرة حائزا لبراهينه مفصلة مع مقالات وبحوث على منتداه www.al7k.forumegypt.net منتدى متولي إبراهيم صالح على الشبكة [جوجل] هاتف 01227972399 أزهري حصل من جامعة الأزهر على ليسانس الشريعة والقانون وليسانس اللغة العربية وبكالوريوس الهندسة ، ودرس علوم القرآن الكريم والقراءات القرآنية في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وتتلمذ في علوم الحديث النبوي الشريف على يدي شيخ السلفيين في العالم كله اليومَ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، ولا يقلد أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا دليل ، لا سيبويهِ في النحو ، ولا الشافعيَّ في الفقه ، ولا البخاريَّ في التصحيح أو التضعيف ، ولا يعبد من دون الله آلهة أخرى ، لا التوثيق المطلق بالسبر الجزئي بلا دليل، ولا عنعنات بعض المدلسين في كل الكتب بلا دليل ، ولا عنعنات كل المدلسين في بعض الكتب بلا دليل ، تلك الآلهة التي من خلالها ألصق بالإسلام ما ليس منه ، فانصد الناس ولا يزالون حتى اليومِ منصدين عنه مرعوبين منه .
أ ـ بيننا عناصر مريبة تقود ثورة تخريبية ضد ثورة الشعب السلمية تشيع الكراهية لتهدم الدولة وتحقق الفوضى .
ب ـ ولأني مسلم وأحلم بيوم يكون فيه حكم مصر والعالم كله للشريعة الإسلامية ولكن إقناعا لا إكراها ؛ لأنه ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [02/البقرة256]) لأني كذلك أناشد الأغلبية الإسلامية في مجلس الشعب أن تتوخى التوافق وأن تحرص عليه وتعض عليه بالنواجذ طوال السنوات الخمس المقبلة مع الأقليات غير المسلمة وغير الإسلامية حتى وإن تعسفت هذه الأقليات وأعني بالأغلبية الإسلامية تيارات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) والسلفيين (النور) وبالأقليات غير المسلمة النصارى واليهود والبهائيين وسائر من يؤمنون أو لا يؤمنون بأي دين ، وبغير الإسلامية من ولدوا لآباء مسلمين بأسماء محمد وأحمد ومحمود وسائر أسماء المسلمين لكنهم يرفضون الخضوع لبعض أحكام الشريعة الإسلامية.
ج ـ احذروا يا إسلاميون ؛ فأكثر مدبري الشغب الآن يتعجلون تسلمكم السلطة قبل الأوان ليربكوكم ثم يفعلوا بكم غدا ما يفعلونه بالجيش والشرطة الآن . انزعوا فتيل الفتنة بينكم وبين فرقائكم السياسيين لتكونوا معا أقوى من مدبري الشغب .
د ـ هل أخطأ الشيخ راشد الغنوشي وحزبه حزب النهضة التونسي حين صرحوا بعد نجاحهم في الانتخابات بأن أولويتهم ليست تطبيق الشريعة الإسلامية ولكن ضمان عدم عودة الدكتاتورية ؟
هـ ـ وهل أخطأ أردوغان التركي حين صرح بأنه مسلم بصفته الشخصية علماني بصفته رئيسا للوزراء ؟
و ـ لقد قرأنا ومنذ بدأنا مشوار التعلم في السنة الأولى الابتدائية لا نزال نقرأ قرآننا الكريم يقول ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ [106/قريش3/4]) ومعناه أن توفير الطعام والأمان مقدم على دعوة الناس إلى عبادة الله ومنها الخضوع لشريعة الله . فلا حكمة في تضمين قانون العقوبات عقوبة سارق سرق لأنه لا يجد ثمن الغذاء أو الكساء أو الدواء ، أو عقوبة شاب زنا لأنه لا يجد عملا يوفر له مهرا لزوجة ونفقة لعش زوجية ، ولا خير في مصري مسلم ينفق عشرات الآلاف في الحجج والعمرات لا سيما النوافل بينما في مصر معدِم لا يجد الغذاء وآخر لا يجد الكساء وثالث لا يجد الدواء ورابع شاب لا يجد العفاف . . وهلم جرا .
ز ـ لقد واكبنا التشريع الإسلامي وهو يتدرج مع الناس في طورين مكي ثم مدني ، ويتدرج معهم خلال فترات كل طور من تشريع إلى آخر وفق استجاباتهم المتدرجة والمنسجمة مع قناعاتهم الحرة فترة تلو فترة برضا لا إكراه فيه بل وبطلب منهم
ح ـ إن لم يدرك الإسلاميون دلالة هذين الدليلين القرآنيين فإني آمل أن يدركوا دلالة قوله تعالى (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [16/النحل106]) مع ما فعله جبابرة العالم أمس البعيد بالعالم الإسلامي في الحروب الصليبية ، وأمس القريب بتجربة طالبان التي دمرت أفغانستان ، وتجربة النميري التي قصمت السودان ، وتجربة جبهة الإنقاذ التي أعلن بعض قيادييها كفرهم بالديمقراطية فور نجاحهم في الانتخابات بواسطتها فكان في الجزائر ردا على كفرهم هذا ما كان ولا يزال كائنا .
ط ـ لا جرم أن الله تعالى قد وعد عباده فقال (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ [09/التوبة28]) حين كلفهم سبحانه بما يهدد أرزاقهم إذ قال (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا [09/التوبة28])
1 ـ ولكن الله تعالى لم ينزل عليهم هذا التكليف إلا في السنة الأخيرة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، أي بعد نحو اثنتين وعشرين سنة من بعثته الشريفة ، أي بعد أن توافرت لهم أسباب حماية الطعام والأمان من مخاطر التهديد والإجهاض .
2 ـ ولا جرم أن الله كان قادرا على تكليفهم هذا منذ السنة الأولى وعلى أمانهم هذا بدون الأسباب ؛ لكنه بمقتضى علمه وحكمته أراد تشريع ابتغاء السبب فأرجأ هذا التكليف إلى أن تحققت أسبابه، وقد نوه بذلك فقال (إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[التوبة28])
3 ـ وهذا عين ما يريده هذا العليم الحكيم منا الآن في مصر ، أن نبتغي الأسباب ؛ لنكون أهلا لوعده الذي وعده لسلفنا ولئلا نعرض ما بنيناه للهدم وما أنجزناه للإجهاض ؛ ولئلا نخسر كل ما ربحناه بسبب تعجلنا وإهمالنا أسباب سائر ما نتمناه .
ي ـ أناشد الإسلاميين أن يعرضوا على الآخرين كل ما يتمنون تطبيقه من أحكام الشريعة بصفتها قوانين أغلبية يحق لها وفقا للديمقراطية أن تحكم الشأن العام المشترك بين الجميع ، فما قبلوه ووافقوا عليه جعلناه جزءا نهائيا في الدستور والقوانين ، وما رفضوه ونازعوا فيه أرجأناه إلى مجلس الشعب القادم بعد خمس سنوات ، بعدما نصل بمصرنا معا بر الأمان .
ك ـ وخلال السنوات الخمس هذه لن نقف مغيبي العقول مشلولي الضمائر ؛ بل سنُجري في نيلنا مياهًا كثيرة :
1 ـ سنتعاون على توفير الطعام والأمان معا، فنقوَى معا ، فيستغني الإسلاميون عن عون الخليجيين وغيرُهُم عن عون الأمريكيين والأوروبيين ، فنتعافى معا من عار اتهام الإسلاميين لغيرهم بالعمالة للغربيين واتهام غيرهم لهم بالعمالة للوهابيين
2 ـ سندخل جميعا معا في حوارات طويلة عريضة عميقة ، حول كل شأن يجمعنا أو يفرقنا يؤمننا أو يخيفنا ينفعنا أو يضرنا ؛ لتفعيل وتطوير وتكريس كل ما يجمعنا ويؤمننا وينفعنا ، ولتخفيف وتضييق وتبديد كل ما يفرقنا ويخيفنا ويضرنا .
3 ـ سيدخل كل فصيل منا في حوار ذاتي داخلي بين أعضائه معزول عن سائر الفصائل ؛ لأنه لا فصيل إلا وفيه آراء متعددة يستحق بها أن ينقسم إلى فصائل متعددة ، فالإسلاميون مذاهب لا مذهب واحد وبالتالي فرق لا فرقة واحدة ، وكذلك النصارى مذاهب لا مذهب واحد وبالتالي كنائس لا كنيسة واحدة ، وكذلك الليبراليون والعلمانيون واليساريون . . وهلم جرا
4 ـ وبهذه المحاورات الذاتية الداخلية المعزولة داخل كل فصيل سينضج كل فصيل منا لنفسه رؤية رشيدة .
5 ـ ثم سيدخل كل فصيل مع سائر الفصائل في حوارات منفتحة طويلة عريضة عميقة ، بعد إنضاج كل فصيل لرؤيته.
6 ـ وبهذه المحاورات المنفتحة الرشيدة من كل فصيل مع كل فصيل آخر سنبلور معا رؤية لنا جميعا أهدى وأرشد .
7 ـ سيدعو كل إلى ما يريد ثم يختار الشعب (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ[الرعد17])
8 ـ سيظهر كل فصيل على حقيقته ولن يستطيع أي فصيل خداع الشعب بالتظاهر بخطاب توافقي في العلن بينما يمارس بين خاصته خطابا إقصائيا مدمرا ، فلن يستطيع إسلامي ادعاء السماحة على الملأ بينما يتحدث بين إخوانه في الغرف المغلقة عن تحصيل الجزية من شركائه المسالمين في الوطن وإقامة حد الردة على من يجاهر بحقه في حرية الاعتقاد ولا جزية ولا حد ردة في الإسلام أصلا على كتابي مسالم أو مرتد مسالم، ولن يستطيع علماني ادعاء احترامه لهوية المجتمع وعاداته وآدابه العامة على الملأ بينما يمارس بين خاصته في الغرف المغلقة خطابا يسب هذه العادات وأفعالا تنتهك تلك الآداب ولن يستطيع سياسي متدين استغلال تدين البسطاء لمكاسب سياسية ، ولن يستطيع ملحد لا يؤمن بإله استغلال أميتهم لإخفاء مخططات لإشاعة الفاحشة في مصريين متدينين نصارى ومسلمين .
9 ـ سينكشف من هم التوافقيون الديمقراطيون المتسامحون ؟ ومن هم الإقصائيون الاستبداديون المتعسفون ؟
10ـ سينكشف من هم الذين يحترمون حقوق الأقليات ؟ ومن هؤلاء الذين يعتدون على الديمقراطية وعلى الأغلبية ؟ من هم الصادقون في ديمقراطيتهم؟ ومن الذين يتشدقون بها بينما يحتقرون الأغلبية ويزدرون إرادة الشعب ويستبدون برأيهم؟
11 ـ سيترشح كل راغب في الانتخابات القادمة وقد انكشف أصله وفصله وقصته وخطته فيسهل على الشعب الاختيار وبالتالي ستفرز الانتخابات القادمة حقا نوابا أصدق تمثيلا من نواب اليوم وأبعد من شبهة تزوير يزعمها بعض ومن شبهة عدم عدالة يزعمها بعض آخر ، وبالتالي سيكون نواب المجلس القادم أقدر وبهدوء على معالجة ما سنعجز عن التوافق عليه اليوم .
12ـ ستحرص أقليات اليوم كل الحرص على أخلاقيات الأداء السياسي المسئول وستحذر كل الحذر من الأداء المتعسف ومن المراهقات والمزايدات والمهاترات والمكايدات لتنال من الشعب ثقة تفتقدها الآن وستحرص أكثرية اليوم كل الحرص على أخلاقيات الأداء السياسي المسئول وستحذر كل الحذر من الأداء المتعسف لتحتفظ بثقة شعب نالتها الآن ولتعزز من هذه الثقة .
13 ـ سيختفي من أخلاقنا أدب رفع الأحذية والألفاظ النابية والحركات الخادشة للحياء ونصرة البلطجة لأنها تهتف لنا .
14 ـ لقد كانت الانتهاكات الانتخابية عارا وشنارا لوثا كل من تورطوا فيها ، وإن كان البعض قد ربحوا بها بعض المقاعد ظلما وعدوان وكذبا وتدليسا وسلبا ونهبا ، فلا جرم أنهم قد خسروا بها ما لا يعلمه إلا الله من المصداقية .
15 ـ إنني رغم الغيوم أرى في الأفق لائحات بشائر ، يتمثل بعضها في إعلان الإخوان عدم المساس بالنشاط السياحي طوال السنوات الخمس المقبلة ، وفي إنكار السلفيين علاقتهم بما أشيع من هيئة إكراه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي تصريح الكتاتني الإخواني رئيس مجلس شعب الثورة بأن الدستور يجب أن يكون توافقيا وألا يفرق بين المصريين وليت الأيام القليلة القادمة تثبت لنا أن الإخوان والسلفيين سيقطعون الشوط إلى منتهاه في سياستهم الشرعية الحكيمة تلك ؟
16 ـ أثق أن الكثير من حالات الكيد والتعسف والعناد الماثلة سيتوارى من خطاب الأقليات وأدبياتها إذا وثقت في توجه الأغلبية نحو الحرص على التوافق حتى وإن ضحوا ببعض حقوقهم التي منحهم الشعب إياها لضمان هذا التوافق .
17 ـ أثق أن الكثير من فجوات انعدام الثقة سيردم ، وأن الكثير من جسور الثقة سيمتد ، وأن الكثير من عوامل الحب سيزدهر، وأننا ربما نفاجأ بأننا جميعا نتنافس ولكن على التعاون المتبادل والحب المتبادل والتنازل المتبادل من كل فصيل للآخر
18ـ ألا يااا ليت عيناي تكتحل بيوم نكتب فيه دستورا وقوانين ثم لا نحتاج إليهما ، بيوم نحرص فيه على الإحسان الذي هو خير من العدل الذي نحتاج لأجله القوانين ، بيوم تنعدم فيه خصوماتنا فنهجر المحاكم فتخلو ساحاتها فتبور مهنة القضاء .
19ـ معذرة دعوني أحلم لمصرنا فهي تستحق منا أن نحلم لأجلها بما هو أبلغ حتى من الخيال وأعجب حتى من الأحلام دعوني أحلم ؛ فقد حرمنا من الأحلام لأجلها سنين عددا بتفرقنا بددا . حفظ الله مصر وحنن عليها أولادها وأهوى أفئدتهم إليها .
20 ـ ربما كنت في عداد القساة ؛ ولكني كتبت مقالي هذا لوطني بدموعي ، بعد أن فاتني أن أرويه مع شهدائنا بدمي .
ل ـ أنصح الأغلبية وأناشدها احترام حق كل أقلية في حكم شأنها الخاص ، وأنصح الأقليات وأناشدها احترام حق الأغلبية في حكم الشأن العام . رحم الله شهداءنا في عليين ، فلولا دماؤهم ما استعدنا مصرنا . اللهم قد بلغت . . اللهم فاشهد ! .
زاده تحريرا في18/10/2012 بالقاهرة حائزا لبراهينه مفصلة مع مقالات وبحوث على منتداه www.al7k.forumegypt.net منتدى متولي إبراهيم صالح على الشبكة [جوجل] هاتف 01227972399 أزهري حصل من جامعة الأزهر على ليسانس الشريعة والقانون وليسانس اللغة العربية وبكالوريوس الهندسة ، ودرس علوم القرآن الكريم والقراءات القرآنية في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وتتلمذ في علوم الحديث النبوي الشريف على يدي شيخ السلفيين في العالم كله اليومَ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، ولا يقلد أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا دليل ، لا سيبويهِ في النحو ، ولا الشافعيَّ في الفقه ، ولا البخاريَّ في التصحيح أو التضعيف ، ولا يعبد من دون الله آلهة أخرى ، لا التوثيق المطلق بالسبر الجزئي بلا دليل، ولا عنعنات بعض المدلسين في كل الكتب بلا دليل ، ولا عنعنات كل المدلسين في بعض الكتب بلا دليل ، تلك الآلهة التي من خلالها ألصق بالإسلام ما ليس منه ، فانصد الناس ولا يزالون حتى اليومِ منصدين عنه مرعوبين منه .