منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

منتدى متولي إبراهيم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى متولي إبراهيم صالح

بحوث في الدين والسياسة


    10 ـ خلاصة تحقيق حديث أمرت أن أقاتل . التعليق (437) فحص نسبة المسند المطبوع إلى أحمد.

    متولي إبراهيم
    متولي إبراهيم
    رئيس الصفحة
    رئيس الصفحة


    المساهمات : 108
    تاريخ التسجيل : 05/10/2011

    10 ـ خلاصة تحقيق حديث أمرت أن أقاتل . التعليق (437) فحص نسبة المسند المطبوع إلى أحمد.  Empty 10 ـ خلاصة تحقيق حديث أمرت أن أقاتل . التعليق (437) فحص نسبة المسند المطبوع إلى أحمد.

    مُساهمة من طرف متولي إبراهيم السبت ديسمبر 03, 2011 2:52 pm

    فحص نسبة المسند المطبوع إلى أحمد.
    الفصل الأول : الحكم على إسناد المسند المطبوع إلى أحمد .
    إن مسندي أحمد والحميدي وصحيح ابن خزيمة لا شك في صحة نسبة أصولها إلى مؤلفيها ولا في احتوائها ما يصح عن النبي صلعم لكن الشك إنما هو في سلامة المطبوع منها من التحريف بعد وفاة مؤلفيها والشك بالتالي في كل ما فيها لتطرق احتمال التحريف إليه إذ يبطل الاستدلال كلما تطرق الاحتمال فالشك ماثل في كل ما فيها إلا أن يكون خبراً تشهد له نصوص قرآنية أو نصوص نبوية سلمت مما شاب مرويات هذه الكتب بعد وفاة مؤلفيها .
    أما المسند المطبوع منسوباً إلى أحمد فإن كل أصوله الخطية مدارها على إسناد واحد فقط إلى أحمد ، هو الحسن بن علي بن محمد بن علي التميمي الواعظ المعروف بابن المذهب ، عن أبي بكر القطيعي أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك ، عن عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، سواء طبعة الحلبي أو طبعة المكتب الإسلامي أو طبعة أحمد شاكر الناقصة أو طبعة مؤسسة الرسالة . وهذا الإسناد لا يصح لما يكتنف ابن المذهب والقطيعي من ريب .
    أما ابن المذهب فلم يوثقه أحد ، وقد ضعفه الذهبي ، وجرحه معاصره الخطيب .
    ففي الميزان قال الذهبي : أبو طاهر السلفي قال سألت شجاعاً الذهلي عن ابن المذهب فقال كان شيخاً عسراً في الرواية وسمع الكثير ولم يكن ممن يعتمد عليه في الرواية كأنه خلط في شيء من سماعه ، ثم قال لنا السلفي كان مع عسره متكلماً فيه لأنه حدث بكتاب الزهد لأحمد بعدما عدم أصله من غير أصله .
    وقال الذهبي أيضاً : الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بمتقن وكذلك شيخه ابن مالك القطيعي ومن ثم وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد .
    وفي سير النبلاء 17/599 قال الذهبي أيضاً : قال أبو سعد السمعاني قرأت بخط أبي سمعت محمد بن محمود الرشيدي يقول لما أردت الحج أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره بسماع مسند أحمد بن حنبل فدخلت بغداد واجتمعت بابن المذهب فقال أريد مائتي دينار فقلت كل نفقتي سبعون ديناراً فإن كان ولابد فأجز لي قال أريد عشرين ديناراً على الإجازة فتركته .
    وفي تاريخ بغداد للخطيب [03927] ابن المذهب كان يروي عن ابن مالك القطيعي مسند أحمد بن حنبل بأسره وكان سماعه صحيحاً إلا في أجزاء منه فإنه ألحق اسمه فيها وكذلك فعل في أجزاء من فوائد ابن مالك وكان يروي عن ابن مالك أيضا كتاب الزهد لأحمد بن حنبل ولم يكن له به أصل عتيق وإنما كانت النسخة بخطه كتبها بأخرة وليس بمحل للحجة حدثنا ابن المذهب قال حدثنا ابن مالك وأبو سعيد الحرقي قالا حدثنا أبو شعيب الحراني حدثنا البابلتي حدثنا الأوزاعي حدثنا هارون بن رئاب قال من تبرأ من نسب لدقته فهو كفر ومن ادعاه فهو كفر وجميع ما كان عند ابن مالك عن أبي شعيب جزء واحد وليس هذا الحديث فيه حدثني ابن المذهب حدثنا محمد بن إسماعيل الوراق وعلي بن عمر الحافظ وأبو عمر بن مهدي قالوا حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا عبد الله بن نافع حدثنا داود بن سعيد بن أبي زنبر عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلعم (قال الله أنفق أنفق عليك) ، قال علي بن عمر تفرد به داود عن مالك بهذا الإسناد وعند مالك فيه إسناد آخر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة هكذا حدثنيه ابن المذهب من لفظه فأنكرته عليه وأعلمته أن هذا الحديث لم يكن عند أبي عمر بن مهدي فأخذ القلم وضرب على اسم ابن مهدي وكان كثيراً يعرض على أحاديث في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين ويسألني عنهم فأذكر له أنسابهم فيلحقها في تلك الأحاديث ويزيدها في أصوله موصولة بالأسماء وكنت أنكر عليه هذا الفعل فلا ينثنى عنه اهـ .
    وأما القطيعي فقد اختلط بأخرة ، ولا دليل على أن ابن المذهب سمع منه المسند قبل الاختلاط ، وقد ضعفه الذهبي ، كما لين حفظه وطعن في أصوله معاصراه ، الثقة أبو الفتح ابن أبي الفوارس ، والثقة أبو بكر البرقاني ، بينما حسن حاله الحاكم النيسابوري ، فلو كان الدارقطني وثقه ، فقد ذكر الخطيب البغدادي في مثل هذه الحالة أن أهل العلم متفقون على أن الجرح مقدم ، فكيف ورواية توثيق الدارقطني له باطلة أصلا ، فهي من رواية أبي عبد الرحمن السلمي صاحب طبقات الصوفية ، وليس هو بثقة .
    ففي الميزان قال الذهبي :(الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بمتقن وكذلك شيخه ابن مالك القطيعي ومن ثم وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد).
    وفي تاريخ بغداد للخطيب [01697] أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبو بكر القطيعي كان بعض كتبه غرق فاستحدث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعه فغمزه الناس إلا أنا لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال كان ابن مالك القطيعي مستوراً صاحب سنة كثير السماع سمع من عبد الله بن أحمد وغيره إلا أنه خلط في آخر عمره وكف بعده وخرف حتى كان لا يعرف شيئاً مما يقرأ عليه قال محمد بن أبي الفوارس أبو بكر بن مالك كان مستوراً صاحب سنة ولم يكن في الحديث بذاك له في بعض المسند أصول فيها نظر ذكر أنه كتبها بعد الغرق سمعت أبا بكر البرقاني وسئل عن ابن مالك فقال كان شيخاً صالحاً وكان لأبيه اتصال ببعض السلاطين فقرئ لابن ذلك السلطان علي عبد الله بن أحمد المسند وحضر ابن مالك سماعه ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه وإنما كان فيه بله فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود غرق شيء من كتبه فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه ولما اجتمعت مع الحاكم بن عبد الله بن البيع بنيسابور ذكرت ابن مالك ولينته فأنكر علي وقال ذاك شيخي وحسن حاله أو كما قال .
    وفي تاريخ بغداد للخطيب [02246] أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب أبو بكر الخوارزمي المعروف بالبرقاني كان ثقة ورعاً متقناً متثبتاً فهماً لم ير في شيوخنا أثبت منه حافظاً للقرآن عارفاً بالفقه له حظ من علم العربية كثير الحديث حسن الفهم له والبصيرة فيه حريصاً على العلم منصرف الهمة إليه وسمعته يوماًُ يقول لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح وقد حضر عنده ادع الله أن ينزع شهوة الحديث من قلبي فان حبه قد غلب علي فليس لي اهتمام بالليل والنهار إلا به أو نحو هذا من القول سألت الأزهري فقلت هل رأيت في الشيوخ أتقن من البرقاني ؟ فقال : لا سمعت أبا محمد الخلال ذكر البرقاني فقال كان نسيج وحده ، وحدثني محمد بن يحيى الكرماني الفقيه قال ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني .
    وفي تاريخ بغداد للخطيب [00279] محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن سهل أبو الفتح بن أبي الفوارس كان ذا حفظ ومعرفة وأمانة وثقة مشهوراً بالصلاح .
    وفي الكفاية للخطيب ط . الكتب العلمية ص105 اتفق أهل العلم على أن من جرحه الواحد والاثنان وعدله مثل عدد من جرحه فإن الجرح به أولى .
    وفي ترجمة أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن أبي عبد الله القصري المعروف بابن السيبي في تاريخ بغداد للخطيب [01583] سمعت أبا عبد الله يقول قدمت أنا وأخي من القصر إلى بغداد وأبو بكر بن مالك القطيعي حي فأردنا السماع من ابن مالك فقال لنا ابن اللبان الفرضي لا تذهبوا إليه فإنه قد ضعف واختل ومنعت ابني السماع منه ، قال فلم نذهب إليه ؟ .
    وفي تاريخ بغداد للخطيب [01583] أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن أبو عبد الله القصري المعروف بابن السيبي كان صالحاً فاضلاً صادقاً من أهل العلم والقرآن مشهوراً بالسنة وكان كثير الدرس للقرآن ، وفي تاريخ بغداد للخطيب [03022] محمد بن عبد الله بن الحسن أبو الحسين البصري المعروف بابن اللبان كان ثقة وانتهى إليه علم الفرائض وقسمة المواريث فلم يكن في وقته أعلم بذلك منه ، قلت : وقد وثقه معاصره الثقة ابن السيبي ، فإن قوله : " فقال لنا ابن اللبان :(لا تذهبوا إليه فانه قد ضعف واختبل ومنعت ابني السماع منه ، فلم نذهب إليه!)" .
    قلت : إن هذا القول معناه :(فامتنعنا عن الذهاب إليه والسماع منه تصديقا لطعن ابن اللبان فيه)وهذا معناه أن ابن اللبان ثقة مصدق عند معاصره الثقة ابن السيبي .
    وفي سير النبلاء 16/212 قال الذهبي : قال السلمي : سألت الدارقطني عنه ، فقال : ثقة زاهد قديم ، سمعت أنه مجاب الدعوة .
    وفي تاريخ بغداد للخطيب [00717] محمد بن الحسين بن محمد بن موسى أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي النيسابوري قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة وكان يضع للصوفية الأحاديث اهـ .
    قلت وأما ما ورد في ميزان الذهبي وتبعه عليه ابن حجر في اللسان من قول منسوب إلى البرقاني أنه سمع أن القطيعي مجاب الدعوة فهو قول متهافت في نفسه لا وزن له ومع ذلك لم أجده ولعله خطأ والصواب أنه كما مضى رواية السلمي عن الدارقطني والسلمي ليس بثقة .
    قلت : وما يدرينا أن المسند لم يكن مع ما غرق فاستحدث القطيعي نسخة من كتاب لم يكن فيه سماعه .
    وأما قول الخطيب :(لم نر أحداً ترك الاحتجاج به)فإن العبرة بالحجة لا بمحض أفعال الرجال ، ويا للعجب للحنابلة يهملون مسند إمامهم رغم بالغ محبتهم له وتعصبهم لمذهبه فلا ينقله إلا غلام تصادف حضوره سماعاً لم يكن منعقداً لأجله أصلاً في مجالس سلطانية كان أحمد في حياته يفر منها فراره من الأسد .
    قال الخطيب في تاريخ بغداد 4/73 :(كان لأبيه اتصال ببعض السلاطين فقرأ لابن ذلك السلطان على عبد الله بن أحمد المسند وحضر ابن مالك القطيعي سماعه).
    لقد روي في مسند أحمد عن النبي صلعم من طريق صحابي رغم أنه ارتد عن الإسلام بعد وفاة النبي صلعم ولحق بالروم وتنصر قال ابن حجر في الفتح 7/6 :(وقع في مسند أحمد حديث ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي وهو ممن أسلم في الفتح وشهد مع رسول الله صلعم حجة الوداع وحدث عنه بعد موته ثم لحقه الخذلان فلحق في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالروم وتنصر بسبب شيء أغضبه وإخراج حديث مثل هذا مشكل).
    الفصل الثاني : الألباني وابن باز ومسند أحمد .
    وقعت عصر 31/1/2000 على كتاب بعنوان :(الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد والرد على من طعن في صحة نسبته إليه)، لشيخنا محمد ناصر الدين اللباني ، بطلب من شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المتوفيين قبل ذلك بعدة أشهر رحمهما الله ، ألفه قبل ذلك بنحو عشرين سنة ولم يطبعه إلا قبل أشهر . ولقد وجدت هذا الكتاب إنما يدل على أن لأحمد مسنداً ، وأما الدلالة على صحة نسبة كل ما في هذا المسند المطبوع بين أيدينا إلى أحمد ، أو الدلالة على سلامة كل ما في هذا المسند من التغيير بعد وفاة أحمد ، فإن تلك الدلالة عن هذا الكتاب بمعزل ، ومن طالع هذا الكتاب ، وتدبر ما تدبرنا ، وتوخى الإنصاف ، وتوقي الاعتساف ، عرف ما عرفنا .
    قال شيخنا الألباني في مقدمة كتابه ص9 مخاطباً شيخنا ابن باز رحمهما الله :(فنزولاً عند رغبتكم اطلعت على المقال المذكور ، وقد احتوى على عدة دعاوي خطيرة ، ألخصها في الفقرات الآتية ، تهيئة للرد عليها فقرة فقرة :
    1 ـ أن مسند الإمام أحمد ليس من مؤلفاته ، وأنه لا يصح نسبته إليه .
    (2 ـ . 3ـ . 4ـ . 5ـ .).
    أما الفقرتان الثانية والثالثة ، فتتعلقان بقول الهاشمي صاحب المقال المزمع الرد عليه :(وبعدما توفى الإمام أحمد زاد ابنه عبد الله في هذه المذكرة مروياته ، ثم إن هذه المسودات وصلت إلى رجل يسمى القطيعي)، وليستا من موضوعنا .
    وأما الفقرتان الرابعة والخامسة فداخلتان في الفقرة الأولى وهي الموضوع ، وعليها شرع في الرد بخطط ثلاث
    الخطة الأولى : وذكر فيها ضمن ص12 حتى ص15 عشرة نصوص ، ثم عقب عليها بقوله :(فهذه نصوص عشرة تؤكد صحة نسبة المسند إلى الإمام أحمد).
    الخطة الثانية : وذكر فيها من ص15 حتى ص17ـ18 عشرة أقوال ، ثم عقب عليها بقوله :(وكلها مجمعة على ان المسند للامام أحمد).
    الخطة الثالثة : وذكر فيها من ص18 حتى ص21 واحداً وعشرين مؤلفاً ، ثم عقب عليها بقوله :(وكلها اجتمعت حول خدمة مسند الإمام أحمد ، وذلك دليل قاطع على ثبوت نسبة المسند إليه).
    ومن تدبر كل ما ذكر في تلك الخطط عرف أنه إنما يدل على أن لأحمد مسنداً ، وهذا ما قررته آنفاً ، حيث قلت :(أن مسندي أحمد والحميدي وصحيح ابن خزيمة ، لا شك في صحة نسبة أصولها إلى مؤلفيها ، ولا في احتوائها ما يصح عن النبي صلعم). وأما الدلالة على صحة نسبة هذا المسند المطبوع بين أيدينا إلى أحمد ، فإن تلك الدلالة عن هذه الخطط بمعزل . ومن طالع هذه الخطط ، وتدبر ما تدبرنا ، وتوخي الإنصاف ، وتوقي الاعتساف ، عرف ما عرفنا .
    أولا ـ دفاع الألباني عن إسناد المسند .
    قال شيخنا ص37 في اختلاط القطيعي :
    " نعم قد يكون تغير حفظه في آخر عمره ، وعلى ذلك يحمل ما رواه الخطيب ، في ترجمة شيخه ابن السيبي 4/4 مما لا ضرورة لذكره الآن . فقد أشار الحافظ الذهبي إلى ذلك ، بقوله في الميزان :(صدوق في نفسه مقبول تغير قليلاً)، ثم ذكر قول ابن الفرات المتقدم ليرده بقوله :(فهذا القول غلو وإسراف ، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه). وأيده السيوطي على هذا القول ، فقد قال عقبه في تدريب الراوي ص528 :(وقد وثقه البرقاني والحاكم والدارقطني ، ولم يذكروا شيئاً من ذلك ، وقال العراقي : في ثبوت ذلك نظر ، وما ذكره ابن الفرات لم يثبت إليه). فأنت ترى أن الحفاظ تتابعوا على عدم ثبوت ما نسب إلي ابن الفرات من الاختلاط الفاحش . وهب أن اختلاط القطيعي ثابت ، فذلك ليس جرحاً بإطلاقه عند المحدثين ، وانما فيه التفصيل المعروف في مصطلح الحديث ، وهو على ثلاثة أنواع :
    الأول : الاحتجاج بالمختلط إذا حدث قبل الاختلاط .
    الثاني : ترك الاحتجاج بالمختلط إذا حدث بعد الاختلاط .
    الثالث : التوقف إذا لم يعلم أنه حدث قبله أو بعده .
    قال العراقي :(وعلى تقدير ثبوته ، فممن سمع منه في حال صحته ، أبو علي التميمي راوي المسند عنه). وأقره على ذلك الحافظ ابن حجر بعد أن نقل خلاصته ، ونصه في لسان الميزان :(قلت كان سماع أبي علي بن المذهب منه لمسند الإمام أحمد قبل اختلاطه . أفاده شيخنا أبو الفضل بن الحسن)فتبين مما ذكرنا أن الطعن في أبي بكر القطيعي غير ثابت ، وأنه لو ثبت فلا يؤثر في روايته للمسند شيئاً لما سبق بيانه . وقد أشار إلى هذه الحقيقة ابن كثير في ترجمته إياه في البداية والنهاية ، فقال 11/293 :(ولم يمتنع أحد من الرواية عنه ، ولا التفتوا إلى ما طعن فيه بعضهم وتكلم فيه). إجماع العلماء على توثيق القطيعي وتصديقه والاحتجاج بروايته " اهـ ما نقلته من كلام شيخنا الألباني في كتابه .
    وهو كل ما يصح وصفه بأنه دفاع عن نسبة المسند المطبوع إلى أحمد ، إلا ما كان تكراراً لبعض هذا المنقول في مواضع أخرى .
    ثانيا ـ الجواب على دفاع الألباني
    أ ـ بطلان الاحتجاج بابن المذهب .
    لو صح كل ما ذكره شيخنا في كتابه ، لما كفى دلالة على صحة نسبة المسند المطبوع إلى أحمد ، أعنى لما كفى دلالة على سلامة المسند المطبوع من التحريف بعد انتقاله من القطيعي إلى من تحته ، فإن هذا المطبوع لم يروه عن أحمد إلا ابنه عبد الله ، ولم يروه عن عبد الله إلا القطيعي ، ولم يروه عن القطيعي إلا ابن المذهب ، ولو صح كل ما ذكره شيخنا ، فان صح الإسناد من القطيعي إلى أحمد ، فإن هذا لا يكفي حتى يصح من ابن المذهب إلى القطيعي ، وهذا ما لم يكن .
    فإن ابن المذهب مجروح ، ليس محلاً للحجة ، كما بينت آنفاً . وإن من أغرب الغرائب إلا يتعرض شيخنا لحال ابن المذهب بأي ذكر ، فهل سكت عنه لاستحالة الدفاع عنه ؟ ! .
    ب ـ ثبوت اختلاط القطيعي .
    أما جنوح شيخنا عن فحص قول ابن السيبي ، أو عن تقرير ما فيه من دلالة إن كان فحصه ، وقوله :(ما رواه الخطيب في ترجمة ابن السيبي لا ضرورة لذكره الآن)، فإنه أيضاً من أغرب الغرائب . فهل سكت عنه لاستحالة رده أو الدفاع ضده ؟ ! .
    قال الخطيب في تاريخ بغداد 4/4 في ترجمة أبي عبد الله بن السيبي : " سمعت أبا عبد الله يقول :(قدمت أنا وأخي من القصر إلى بغداد ، وأبو بكر بن مالك القطيعي حي ، وكان مقصودنا درس الفقه والفرائض ، فأردنا السماع من ابن مالك فقال لنا ابن اللبان الفرضي : لا تذهبوا إليه ، فإنـه قد ضعف واختـل ، ومنعت ابني السماع منه ، فلم نذهب إليه)" اهـ .
    وفي ابن السيبي قال معاصره الخطيب 4/4 :(كتبت عنه ، وكان صالحاً فاضلاً صادقاً من أهل العلم والقرآن مشهوراً بالسنة ، وكان كثير الدرس في القرآن).
    وفي ابن اللبان قال الخطيب 5/472 :(كان ثقة ، وانتهى إليه علم الفرائض والمواريث ، فلم يكن في وقته أعلم بذلك منه). وقال الذهبي في السير 17/217 :(الإمام العالم الكبير إمام الفرضيين).
    قلت : وقد وثقه معاصره الثقة ابن السيبي ، فإن قوله : " فقال لنا ابن اللبان :(لا تذهبوا إليه ، فإنه قد ضعف واختل ، ومنعت ابني السماع منه ، فلم نذهب إليه)" ، إن هذا القول معناه :(فامتنعنا عن الذهاب إليه والسماع منه تصديقاً لطعن ابن اللبان فيه)وهذا معناه أن ابن اللبان ثقة مصدق عند معاصره الثقة ابن السيبي .
    وهكذا يتجلى أن هذا الخبر صحيح الإسناد عن ابن اللبان ، ويتجلى بالتالي أن القطيعي في آخر عمره قد ضعف واختل ، حتى منع ابن اللبان ابنه من سماعه ، وحتى نصح ابن السيبي بعدم سماعه ، ويتجلي بالتالي أن ما لم يصح من طريق ابن الفرات قد صح من طريق ابن اللبان ، فإن ما قرره ابن اللبان من الطعن في ضبط في ابن مالك القطيعي هو ذات ما رواه الخطيب بقوله : " حدثت عن أبي الحسن بن الفرات ، قال :(ابن مالك القطيعي خلط في آخر عمره وكف بعده وخرف ، حتى كان لا يعرف شيئاً مما يقرأ عليه)" .
    ويتجلى بالتالي خطأ شيخنا حين أعرض عن قول ابن اللبان ، وقال :(لا ضرورة لذكره)، فإن ذكره ضروري إنه الدليل القاطع على صحة ما يلهج بإنكاره .
    إنه الدليل القاطع على خطأ قوله ص39 :(فتبين مما ذكرنا أن الطعن في القطيعي غير ثابت).
    ج ـ شيخنا يذكر ما له ويسكت عن ذكر ما عليه ، إلا ما يستطيع دفعه مما عليه إذا ذكره .
    فقد ذكر القطيعي ، بينما سكت عن ذكر ابن المذهب كما تقرر آنفا .
    وذكر الغمز في عقيدة وصلاح القطيعي وأبطله ، بينما سكت عن ذكر الغمز في ضبطه المذكور في تاريخ بغداد في ترجمته .
    فنقل ص31 قول ابن أبي الفوارس :(كان أبو بكر بن مالك مستوراً صاحب سنة)، بينما سكت عن ذكر بقية قوله فيه ، وهو :(ولم يكن في الحديث بذاك . له في بعض أصول المسند أصول فيها نظر . ذكر أنه كتبها بعد الغرق).
    ونقل قول البرقاني فيه :(كان شيخاً صالحاً)، بينما سكت عن ذكر بقية قوله فيه ، وهو :(غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه ، فغمزوه لأجل ذلك ، وإلا فهو ثقة . كان فيه بله ، فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود ، غرق شيء من كتبه ، فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه).
    ونقل ص31 مستدلاً قول الخطيب : " حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال :(كان ابن مالك القطيعي مستوراً صاحب سنة كثير السماع)" ، بينما سكت عن بقية الرواية ، وهي :(إلا أنه خلط في آخر عمره وكف بعده وخرف حتى كان لا يعرف شيئاً مما يقرأ عليه)، ثم كر عليها ص36 فأبطلها ، فاستدل بالإسناد لما أراد ، وأبطل ذات الإسناد فيما كره
    ونقل قول الذهبي فيه في العبر 2/347 :(مسند العراق وكان شيخاً صالحاً)، بينما سكت عن ذكر قوله فيه في الميزان 1/512 :(الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بالمتقن ، وكذلك شيخه ابن مالك ، ومن ثم وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد).
    د ـ جواب على الذهبي .
    وأما قول الذهبي :(هذا القول غلو وإسراف ، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه)، فيكفي جواباً عليه قوله هو نفسه في الميزان 1/512 :(الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بالمتقن ، وكذلك شيخه ابن مالك ، ومن ثم وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد). وقد أجاب بهذا الجواب ابن حجر في اللسان 1/145 ، فقال :(والعجب من الذهبي يرد قول ابن الفرات ، ثم يقول في آخر ترجمة الحسن بن علي التميمي ـ يعني ابن المذهب ـ الراوي عن القطيعي ما سيأتي)يعنى ما ذكرته من عدم الإتقان .
    هـ ـ جواب على السيوطي .
    وأما قول السيوطي :(وقد وثقه البرقاني والحاكم والدارقطني ، ولم يذكروا شيئاً من ذلك)، أي من الاختلاط فجوابه ما يلي :
    أن توثيق الدارقطني له قد رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي صاحب طبقات الصوفية وهو ليس بثقة كما تبين آنفاً .
    وأن البرقاني إنما وثق عدالته ، أما ضبطه فقد ذكر فيه ما مضى آنفاً .
    وأن خبر اختلاطه قد صح من طريق ابن السيبي ، ومن أثبت حجة على من سكت ، ولا ينسب إلى ساكت قول . فإما أن الحاكم الذي وثق ضبطه قد وثقه قبل اختلاطه ، أو وثقه بعد اختلاطه ، دون أن يلقاه مختلطاً أو يعلم باختلاطه .
    وـ جواب على العراقي .
    وأما قول العراقي :(في ثبوت ذلك نظر ، وما ذكره ابن الفرات لم يثبت إليه)، فلا حجة فيه ، بعد أن ثبت من طريق ابن السيبي ما لم يثبت من طريق ابن الفرات .
    ز ـ عدم ثبوت سماع ابن المذهب من القطيعي قبل اختلاطه .
    وأما قول العراقي :(وعلى تقدير ثبوته ، فممن سمع منه في حال صحته أبو علي التميمي راوي المسند عنه)فنصه في التقييد والإيضاح ص465 ط . دار الفكر العربي ، هو :(وعلى تقدير ثبوت ما ذكره أبو الحسن بن الفرات من التغير فممن سمع منه في الصحة ، أبو علي بن المذهب راوي المسند عنه).
    والعراقي لم يذكر دليلاً على زعمه سماع ابن المذهب من القطيعي قبل اختلاطه ، فباطل إذن هذا الزعم ، وباطل بالتالي ما بناه شيخنا وغيره عليه . وقول العراقي :(ما ذكره أبو الحسن)خطأ بياني ، والصواب :(ما ذكر عن أبي الحسن).
    ح ـ جواب على ابن حجر .
    وأما قول ابن حجر :(كان سماع أبي علي بن المذهب منه لمسند الإمام أحمد قبل اختلاطه ، أفاده شيخنا أبو الفضل بن الحسين)، وقول شيخنا :(فتبين مما ذكرنا أن الطعن في أبي بكر القطيعي غير ثابت ، وأنه لو ثبت فلا يؤثر في روايته للمسند شيئاً لما سبق بيانه)، فتقليد منهما لقول العراقي وقد تبين بطلانه .
    ط ـ جواب على ابن كثير .
    وأما قول ابن كثير :(ولم يمتنع أحد من الرواية عنه ، ولا التفتوا إلى ما طعن فيه بعضهم وتكلم فيه)، فإنما هو ترداد لقول الخطيب المتقدم :(إلا أنا لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه ، ولا ترك الاحتجاج به)، وقد فندناه آنفاً .
    ي ـ جواب أخير على شيخنا .
    وأما دعوى شيخنا إجماع العلماء على توثيق القطيعي وتصديقه والاحتجاج بروايته ، فتكرار لما سبق تفنيده .
    إني لأحسب أنه ، لو كان أحمد حياً بيننا اليوم ، وقد ضاعت منه نسخة مسنده ، ما كان ليرضى بنسبة هذه النسخة المطبوعة التي بين أيدينا إليه ، فهو فيما نحسبه والله حسيبه ، أورع من أن يفعل ما نسب إلى القطيعي فعله لما غرقت القطيعة بالماء الأسود ، وأورع من أن يفعل ما فعله ابن المذهب رغم إنكار الخطيب عليه .
    (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)(العمران : 144)، وما أحمد إلا إمام قد خلت من قبله الأئمة ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ ! . ألا من كان يعبد أحمد بن حنبل فإن أحمد بن حنبل قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
    إنه لشاق على تخطئة شيخين جليلين عزيزين ، كانا زماناً ولا أحد أحب إلي بعد والدي منهما ، ولكن الحق أحب إلي منهما ومن كل أحد ، كما كان أحب إليهما مني ومن كل أحد .
    ولا أنسى شفاعة أحدهما لي ، خامس خمسة فيهم الأخ اليمني الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ، لدى الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي ، بكتاب لإلغاء قرار إبعادنا عن المملكة ، ولا أنسى أنه لما أهمل الكتاب تجشم لقيا الأمير ليخصني بالشفاعة ـ كما أخبرني الإخوان بالرياض إبانئذ ـ حيث قبل سموه شفاعة سماحته ، رغم شكواه إليه في لقائهما أني أحرج الضيوف . يعنى بذلك يوم قلت للرئيس السوداني محمد جعفر نميري ، بمسجد النبي صلعم وبجوار قبره :(يرحمك من في السماء ، ارحم المسلمين في السودان ، فإنها ستكون ندامة يوم القيامة).
    ولا أنسى للثاني إيثاري بالاختصاص به ، كلما زار المدينة المنورة ، في سيارته مع ولديه محمد وعبد المصور وقوله لي أمامهما :(أنا أحبك أكثر ولذلك أشدد عليك في النصيحة)، وفي غرفته بالفندق ، وفي غرفة مخطوطات الجامعة الإسلامية أبحث معه له ، ويقرأ علي وأسمع وأنظر ، وأقرأ عليه ويسمع ويكتب أو ينظر . ولا أنسى يوم قال عني بغرفة الفندق ، لنفر فيهم الشيخ محمد عبد الوهاب البنا ، المصري الأصل السعودي المقيم بجدة :(هذا من أحرص من لقينا على طلب العلم). ولا أنسي اختصاصه لي بالمداعبة أمام طلبة العلم ، وفي بيت السعودي الشيخ علي مشرف العمري أمام الضيوف . وأخيراً لا أنسي تكرار سؤاله عني رغم فراقنا أكثر من عشر سنوات ، وتكليفه مراراً أهل قريتي الذين لقوه بالأردن بإبلاغي سلامه .
    إن عزائي في تخطئتهما إن كنت محقاً ، هو أنه الأنفع لهما في الحقيقة ، بعد أن انتقلا إلى دار الحقيقة .
    فليتق الله امرؤ قلدهما اغتراراً بما كان لهما ، من وجاهة ومنصب وجاه ، وليحذر إن كنت مخطئاً ، يوم نقوم معاً بين يدي الله ، فأقول : يارب إن هذا سبني وقذفني وكفرني وهددني ، دون أن يقيم على الباطل الذي كان معي حجة أو أن ينصب للحق الذي كان معه دليلاً ، وقد قلت ربنا :(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)، أي حتى نقيم الحجة .
    ويا حسرة على حامل الهدى يرفض الحوار ، كراهة تعريض فقهه لمخاطر الحوار ، إذا كان ضياع الذين أهون عليه من ضياع سمعته ، وكان شك الناس في هداه بسبب الرفض ، أحب إليه من شكهم في فقهه بسبب الحوار ، ويا حسرة على العباد إذا هم لم يحسنوا من الحوار ، إلا السب والقذف والتكفير والتهديد ، ويا حسرة على الأمة إذا هي لم تنجب سوى هؤلاء . حقيق بهذه الأمة أن يستبيح العدو بيضتها ويستأصل شأفتها . وأن ينخر الفساد عظمها ويعم برها وبحرها سياسةً واقتصاداً واجتماعاً ، وثقافةً وفكراً وأخلاقاً ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
    (كنت قد حررت جوابي هذا على الألباني في 11/2/2000)@@@.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 4:06 am