منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى متولي إبراهيم صالح

مرحبا بكم في البحث عن الحقيقة مع منتدى متولي إبراهيم صالح

منتدى متولي إبراهيم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى متولي إبراهيم صالح

بحوث في الدين والسياسة


    8 ـ خلاصة تحقيق حديث أمرت أن أقاتل التعليق (436) تدليس أبي هريرة رضي الله عنه

    متولي إبراهيم
    متولي إبراهيم
    رئيس الصفحة
    رئيس الصفحة


    المساهمات : 108
    تاريخ التسجيل : 05/10/2011

    8 ـ خلاصة تحقيق حديث أمرت أن أقاتل التعليق (436) تدليس أبي هريرة رضي الله عنه  Empty 8 ـ خلاصة تحقيق حديث أمرت أن أقاتل التعليق (436) تدليس أبي هريرة رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف متولي إبراهيم السبت ديسمبر 03, 2011 7:24 am

    (436) تدليس أبي هريرة رضي الله عنه .
    أبو هريرة رضي الله عنه مدلس . ثبت تدليسه تدليسا نسب إلى النبي صلعم ما لم يقله ، وصفه بالتدليس شعبة بن الحجاج إمام علم الحديث جرحا وتعديلا وشيخ مشايخ أئمة الجرح والتعديل أحمدَ بن حنبل ويحيى بن معين وعليِّ بن المديني شيخ البخاري جبل الدنيا في الحديث ، ووافقه الحافظان الذهبي صاحب تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء وأمهات كتب الحديث جرحا وتعديلا وابن كثير صاحب التفسير وجامع المسانيد والبداية والنهاية ، وابن حبان خاتمة السابرين للحديث رجالا ومتونا .
    أولا : أقوال القائلين بأنه مدلس
    أ ـ في سير النبلاء 2/608 وتاريخ دمشق ط . إحياء التراث 71/266 : (شعبة يقول أبو هريرة كان يدلس).
    ب ـ وفي السير قال الذهبي : (تدليس الصحابة كثير ولا عيب فيه فإن تدليسهم عن صاحب أكبر منهم والصحابة كلهم عدول)وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8/109 " وكأن شعبة يشير بهذا إلى حديثه(من أصبح جنباً فلا صيام له)فإنه لما حوقق عليه قال أخبرنيه مخبر ولم أسمعه من رسول الله صلعم " قال ابن حبان في جامعه 1/161 " وإنما قبلنا أخبار أصحاب رسول الله صلعم ما رووها عن النبي صلعم وإن لم يبينوا السماع في كل ما رووا وبيقين نعلم أن أحدهم ربما سمع الخبر عن صحابي آخر ورواه عن النبي صلعم من غير ذكر ذلك الذي سمعه منه لأنهم رضي الله عنهم أجمعين كلهم أئمة سادة عدول نزه الله عز وجل أقدار أصحاب رسول الله صلعم عن أن يلزق بهم الوهن وفي قوله صلعم(ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب)أعظم الدليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح ولا ضعيف إذ لو كان فيهم مجروح أو ضعيف أو كان فيهم أحد غير عدل لاستثنى في قوله صلعم وقال ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب فلما أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول " اهـ .
    قلت : الصحابي المدلس مستثنى من شرط التصريح بالسماع مقبولة عنعناته ؛ لأنه في الغالب الأعم إنما يدلس صحابيا مثله ، وهذا أصل يظل أصلا حتى ينقضه دليل أقوى منه فترد حينئذ عنعناته ، والدليل الأقوى من هذا الأصل هو أن يثبت عليه أنه دلس تدليسا نسب إلى النبي صلعم ما لم يقله ؛ لأن هذا يدل على أنه أسقط من الإسناد بينه وبين النبي صلعم راويا غير ثقة هو الذي نسب إلى النبي صلعم ما لم يقله ، أو أسقط راويا ثقة أسقط آخر غير ثقة هو الذي نسب إلى النبي صلعم ما لم يقله ، كما هي حال أبي هريرة رضي الله عنه ، فقد سئل عمن أسقطه من الإسناد فقال : الفضل بن عباس لكن الفضل كان ميتا فتعذرت معرفة من أسقطه الفضل لنعرف من ذلك الكذاب الذي نسب إلى النبي صلعم ما لم يقله .
    ثانيا ـ تفاصيل أدلة تدليسه ومناصحة المدافعين عن عنعناته
    أ ـ أما تدليسه فدليله خبر البخاري ومسلم أصح كتابين بعد كتاب الله .
    1 ـ قال البخاري ح1926(حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه عبد الرحمن أخبر مروان أن عائشة وأم سلمة أخبرتاه أن رسول الله صلعم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم وقال مروان لعبد الرحمن بن الحارث أقسم بالله لتقرعن بها أبا هريرة ـ ومروان يومئذ على المدينة ـ فقال أبو بكر فكره ذلك عبد الرحمن ثم قدر لنا أن نجتمع بذي الحليفة ـ وكانت لأبي هريرة هنالك أرض فقال عبد الرحمن لأبي هريرة إني ذاكر لك أمراً ولولا مروان أقسم علي فيه لم أذكره لك فذكر قول عائشة وأم سلمة فقال كذلك حدثني الفضل بن عباس وهو أعلم)انتهى من البخاري . وقول أبي هريرة(كذلك حدثني الفضل بن عباس)إشارة منه إلى روايته عن النبي صلعم المناقضة لرواية أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة والتي رواها مسلم وغيره .
    2 ـ وقال مسلم ح01109/01(حدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق بن همام أخبرنا ابن جريج أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقص يقول في قصصه من أدركه الفجر جنباً فلا يصم فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه فأنكر ذلك فأنطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما فسألهما عبد الرحمن عن ذلك قال فكلتاهما قالت كان النبي صلعم يصبح جنباً من غير حلم ثم يصوم قال فانطلقنا حتى دخلنا على مروان فذكر ذلك له عبد الرحمن فقال مروان عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة فرددت عليه ما يقول قال فجئنا أبا هريرة وأبو بكر حاضر ذلك كله قال فذكر له عبد الرحمن فقال أبو هريرة أهما قالتاه لك قال نعم قال هما أعلم ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس فقال أبو هريرة سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي صلعم قال فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك) انتهى من مسلم .
    ثالثا : ولا يصح أن يقال بأن قول أبي هريرة محض فتوى
    ولا يصح أن يقال بأن قول أبي هريرة محض فتوى ، ولا أن يستدل على ذلك بدعوى عدم رفع أبي هريرة الخبر إلى رسول الله صلعم ، لما يلي :
    أ ـ لأن هذا القول من أبي هريرة
    ، مما لا يقال باجتهاد ، فتعين أنه في حكم المرفوع لو لم يكن صرح برفعه .
    ب ـ ولأن النصوص التي ورد فيها تصريحه برفع هذا القول إلى النبي صلعم
    لا تقل صحة على قواعد الجمهور عن سائر أحاديثه التي صححت على قواعد الجمهور ، فإن قيل بصحة أحاديثه بناء على قواعد الجمهور لزم أن يقال بصحة هذه النصوص التي تدل على تدليسه ، وأن يقال بالتالي ببطلان كل أحاديثه التي لم يصرح فيها بالسماع ، وإن قيل ببطلان هذه النصوص التي تثبت تدليسه لعوار قواعد الجمهور لزم أن يقال ببطلان كل أحاديثه التي صحت بناء على قواعد الجمهور ، حتى ما صرح فيه بالسماع ، لعوار قواعد الجمهور !! .
    1 ـ ومن هذه النصوص ، ما صح إلى عبيد الله بن عبد الله بن عمر وهو صحيح إلى أبي هريرة عند الجمهور في سنن النسائي الكبرى [02926] أنبأ عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال حدثني أبي عن جدي قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عمر أنه احتلم ليلاً في رمضان فاستيقظ قبل أن يطلع الفجر ثم نام قبل أن يغتسل فلم يستيقظ حتى أصبح قال فلقيت أبا هريرة حين أصبحت فاستقبلته فقال تفطر فإن رسول الله صلعم كان يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنباً .
    2 ـ ومنها أيضاً ما صح عن أبي هريرة على شرط البخاري ومسلم ، كما في جامع ابن حبان [03485] ومسند أحمد [08145] وما صح عن أبي هريرة على قواعد الجمهور في سنن النسائي الكبرى [02925] وما صحح على قواعد الجمهور ، في مسند أحمد [07839] و[07388] وهو في سنن ابن ماجه [01702] وسنن النسائي الكبرى [02924] ومسند الحميدي [01018] أن رسول الله صلعم كان يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنباً .
    ج ـ ولا جرم أنه يجوز لي الاستدلال بما صح عند الجمهور
    حتى وإن لم يصح عندي ، وذلك لإثبات تناقض ما أصلوه ، من خلال إثبات تناقض ما يتفرع عن بعض ما أصلوه مع ما يتفرع عن بعض آخر مما أصلوه ، وهم قد أصلوا قاعدة التوثيق المطلق بالسبر الجزئي ، فنتج عنها توثيق عبيد الله بن عبد الله بن عمر رغم أنه مقل ، فما صح إليه ـ أقول إليه لا عنه ـ على مذهب الجمهور لا يزيد عن سبعة عشر حديثاً وربما أقل ، بناء على دراسة باستخدام الحاسوب في نحو مائتين وسبعين ألف تخريجة أو موضع نص بإسناده ، فنتج عن توثيقه ـ على سبيل التمثيل لا الحصر ـ صحة الخبر الذي يثبت أن أبا هريرة مدلس ، وهو في سنن النسائي الكبرى [02926] .
    1 ـ فإن تمسكوا بحجية التوثيق المطلق بالسبر الجزئي ، لزمهم التسليم بأن أبا هريرة مدلس ،
    2 ـ وإن تمسكوا بتنزيه أبي هريرة عن التدليس ، لزمهم الرجوع عن قولهم بالتوثيق المطلق بالسبر الجزئي أو على الأقل عن توثيق المقلين توثيقا مطلقا بسبر بعض مروياتهم .
    د ـ ولا جرم أن ما لم يصح عندي بسبب ما يكتنف أسانيده من ريبة
    ، بسبب تليين حفظ بعض رواتها ، أو بسبب ما يكتنف بعضهم من خلاف بين تعديل حتى وإن مفسراً وتجريح حتى وإن غير مفسر ، أو بسبب ما يكتنف توثيقات بعضهم بالسبر من ريبة ، أو بسبب ما يكتنف عنعنات مدلسيهم أو مرسليهم من ريبة ، لا جرم أنه إذا صح عند الجمهور جاز لي الاستدلال به في سياق إثبات حجية التحفظ على عنعنات أبي هريرة والتوقف فيها ، فإن هذا الذي صححه الجمهور ، رغم ما يكتنفه من ريبة ، لهو كاف في إثارة الريبة في عنعنات أبي هريرة مما يجيز التحفظ عليها والتوقف فيها ، وجلاء ذلك ما يلي :
    1 ـ في مقدمته ص87 ط. دار الكتب العلمية قال ابن الصلاح(مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشيء ونحو ذلك أو هذا حديث ضعيف وهذا حديث غير ثابت ونحو ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك بناء على أن ذلك قد أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف).
    2 ـ وفي توضيح الأفكار 2/102 قال الأمير الصنعاني(ومن هنا نعلم أن معنى قولهم لا يقبل الجرح إلا مفسراً أي لا يعمل به في الرد إلا مفسراً لا أنه لا يقبل مطلقاً وأنه لا حكم له بل له حكم هو ثبوت الريبة وتركه)يعنى ترك قبول حديث الراوي المريب .
    3 ـ وفي التنكيل 1/64 قال المعلمي(التحقيق أن الجرح المجمل يثبت به جرح من لم يعدل ويوجب التوقف فيمن قد عدل حتى يسفر البحث عما يقتضي قبوله أو رده).
    4 ـ وفي أصول الفقه لإمام الحرمين الجويني 1/235 يقول : (الذي أوثره ألا نطلق رد رواية المستور ولا قبولها بل يقال رواية العدل مقبولة ، ورواية الفاسق مردودة ، ورواية المستور موقوفة إلى استبانة حالته ، ولو كنا على اعتقاد في حل شيء فروى لنا مستور تحريمه ، فالذي أراه وجوب الانكفاف عما كنا نستحله إلى استتمام البحث عن حال الرواي ، وهذا هو المعلوم من عادتهم وشيمهم ، وليس ذلك حكماً منهم بالحظر المترتب على الرواية ، وإنما هو توقف في الأمر ، بالتوقف عن الإباحة يتضمن الانحجاز ، وهو في معنى الحظر فهو إذن حظر مأخوذ من قاعدة في الشريعة ممهدة ، وهي التوقف عند بدء ظواهر الأمور إلى استتبابها ، فإذا ثبتت العدالة فالحكم بالرواية إذ ذاك .
    ولو فرض فارض التباس حال الراوي واليأس من البحث عنها ، بأن يروي مجهول ثم يدخل في غمار الناس ويعسر العثور عليه فهذه مسألة اجتهادية عندي ، والظاهر أن الأمر إذا انتهى إلى اليأس لم يلزم الانكفاف وانقلبت الإباحة كراهية)اهـ .
    قلت وكذلك يتوقفون في الصدوق اللين ، وهو ما يقولون فيه يكتب حديثه ولا يحتج به ، أي حتى ينظر في متابعات له أو شواهد عليه .
    هـ ـ والفارق بين الرد والتوقف
    أن الرد حسم ، أما التوقف فانتظار ، نتبين خلاله الحقيقة ، ثم يعقبه حسم بقبول أو رد فمثلاً من عرفناه دلس مرة ، رددنا عنعنته التي عرفناه دلس بها ، وتوقفنا في خبرها لنتبينه ، ثم في سائر أخباره المعنعنة ، حتى نتبين أسمعها أم دلسها ؟! وأعني مع العنعنة سائر الصيغ التي لم يصرح فيها بالسماع ، فإن تعذر علينا التبين ظللنا متوقفين ، وإن تبينا حسمنا الأمر بالقبول اتصالا أو الرد انقطاعا . ولكن لما كان حكم التوقف هو حكم الرد استعملنا لفظ الرد في معنى التوقف تجوزاً ، حيث لا يترتب على الفارق بين التوقف والرد أي تغيير في حكم الخبر ، إذ حكمه التعطيل في كلتا الحالتين إن رداً في أحدهما أو توقفاً في الأخرى ، وأعنى مع العنعنة سائر الصيغ غير الصريحة بالسماع .
    1 ـ ولكن الفارق يتجلى مثلاً فيما إذا وجدنا خبراً مسنداً إلى راو عنعن ، وتبين لنا أن هذه العنعنة يكتنفها تدليس وكان هذا الخبر إلى هذا الراوي يحوز شروط الصحة ، عدا أن فيه عنعنة أخرى لا ندري إن كان يكتنفها تدليس أم لا ولكنها عنعنة راو آخر مدلس تحته . فحكم هذه العنعنة السفلى التوقف عن قبولها لا ردها ، لأن صاحبها وإن كان مدلساً ، إلا أننا لا نعلم هل دلس هذه المرة أيضاً أم لا ؟ وهذا التوقف معناه عدم البناء على أن هذه العنعنة اتصال ، وعدم البناء أيضاً على أنها انقطاع ، وهذا يقتضي التوقف في العنعنة العليا التي اكتنفها تدليس ، فلا ينسب ما اكتنفها من تدليس إلى الراوي الأعلى لأن نسبته إليه تعنى الحكم بالاتصال في العنعنة السفلى ، والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيها ، ولكن أيضاً لا يُبرَّأ هذا الراوي الأعلى مما اكتنفها من تدليس ، لأن تبرئته منه تعنى الحكم بالانقطاع في تلك العنعنة السفلى والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيها .
    وهكذا يكون حكم الراوي الأعلى في النهاية هو التوقف في كل أخباره المعنعنة ، لأنه وإن لم يثبت أنه مدلس إلا أنه قد خرج من ظاهر عدم كونه مدلساً ، ودخل في ريبة احتمال كونه كذلك .
    وتوضيحاً لهذا الإجمال نشرح بإسهاب مثالا ، خبرا صورته : (زيد عن عمرو عن خالد قال كذا)حيث زيد عرفناه مدلساً قبل هذا الخبر ، لكن عنعنته هنا لا ندري هل اكتنفها تدليس أم لا ، وعمرو لم نعرفه مدلساً قبل هذا الخبر ، لكن عرفنا أن عنعنته هنا قد اكتنفها تدليس ، فحكم عنعنة زيد هنا التوقف عن قبولها لا ردها ، لأن زيداً وإن كان مدلساً ، إلا أننا لا نعلم هل دلس هذه المرة أيضاً أم لا ؟ ، وهذا التوقف معناه عدم البناء على أن عنعنة زيد اتصال ، وعدم البناء أيضاً على أنها انقطاع ، وهذا يقتضي التوقف في عنعنة عمرو التي اكتنفها تدليس ، فلا ينسب ما اكتنفها من تدليس إلى عمرو لأن نسبته إليه تعنى الحكم بالاتصال في عنعنة زيد ، والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيها ، ولكن أيضاً لا يبرأ عمرو مما اكتنفها من تدليس ؛ لأن تبرئته منه تعنى الحكم بالانقطاع في عنعنة زيد ، والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيها . وتكون الخلاصة أن إسناد هذا الخبر إلى عمرو ، تكتنفه الريبة في عنعنة زيد ، ولكنه رغم ما يكتنفه من ريبة ، يثير الريبة في عنعنات عمرو ، ويجيز التحفظ عليها والتوقف فيها .
    2 ـ كما يتجلى الفارق أيضاً فيما إذا وجدنا خبرا مسنداً إلي راو عنعن ، وتبين لنا أن هذه العنعنة يكتنفها تدليس وكان هذا الخبر إلى هذا الراوي يحوز شروط الصحة ، عدا أن فيه راوياً آخر تحته مختلفاً فيه بين تعديل حتى وإن مفسراً وتجريح حتى وإن غير مفسر ، فحكم هذا الراوي الأسفل هو التوقف عن قبول خبره لا رده ، لأن كلا من الضعف اليسير والجرح المجمل يوجب التوقف فيمن قد عدل حتى يسفر البحث عما يقتضي قبوله أو رده ، وهذا التوقف معناه عدم البناء على أن هذا الراوي الأسفل ثقة ، وعدم البناء أيضاً على أنه غير ثقة ، وهذا يقتضي التوقف في العنعنة العليا التي اكتنفها تدليس ، فلا ينسب ما اكتنفها من تدليس إلى الراوي الأعلى لأن نسبته إليه تعنى الحكم بأن الراوي الأسفل ثقة أي عدل ضابط ، والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيه ، ولكن أيضاً لا يُبَرَّأ هذا الراوي الأعلى مما اكتنفها من تدليس ، لأن تبرئته منه تعنى الحكم بأن الراوي الأسفل غير ثقة ، والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيه .
    وتوضيحاً لهذا الإجمال نشرح بإسهاب مثالا ، خبرا صورته : (قال زيد حدثنا عمرو عن خالد قال كذا)حيث زيد صدوق في حفظه لين أو مختلف فيه بين تعديل وإن مفسرا وجرح وإن غير مفسر ، وعمرو لم نعرفه مدلساً قبل هذا الخبر ، لكن عرفنا أن عنعنته هنا قد اكتنفها تدليس ، فحكم خبر زيد هو التوقف عن قبوله لا رده ، لأن كلا من الضعف اليسير والجرح المجمل يوجب التوقف فيمن قد عدل حتى يسفر البحث عما يقتضي قبوله أو رده ، وهذا التوقف معناه عدم البناء على أن زيداً ثقة ، وعدم البناء أيضاً على أنه غير ثقة ، وهذا يقتضي التوقف في عنعنة عمرو التي اكتنفها تدليس فلا ينسب ما اكتنفها من تدليس إلى عمرو ، لأن نسبته إليه تعنى الحكم بالتوثيق لزيد ، والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيه ، ولكن أيضاً لا يُبَرَّأ عمرو مما اكتنفها من تدليس ، لأن تبرئته منه تعنى الحكم بجرح زيد والخروج بالتالي وبلا دليل عن الأصل الذي هو التوقف فيه . وتكون الخلاصة أن إسناد هذا الخبر إلى عمرو تكتنفه الريبة في عدالة زيد ، ولكنه رغم ما يكتنفه من ريبة ، يثير الريبة في عنعنات عمرو ويجيز التحفظ عليها والتوقف فيها .
    وهكذا يكون حكم الراوي الأعلى في النهاية هو التوقف في كل أخباره المعنعنة ، لأنه وإن لم يثبت أنه مدلس إلا أنه قد خرج من ظاهر عدم كونه مدلساً ، ودخل في ريبة احتمال كونه كذلك .
    و ـ وهذا ما ينطبق هنا على عنعنات أبي هريرة
    فإن الأحاديث المروية عنه ، في سنن النسائي الكبرى [02924] و[02925] و[02926] وسنن ابن ماجه [01702] وجامع ابن حبان [03485] ومسند أحمد [08145] و[07839] و[07388] ومسند الحميدي [01018] أن رسول الله صلعم كان يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنباً ، تثير الريبة في عنعناته ، وتجيز التحفظ عليها ، والتوقف فيها ، رغم ما يكتنف أسانيدها إليه من ريبة ، ناشئة عن تليين حفظ بعضهم أو توثيق بعضهم مطلقاً بسبر جزئي ، أو الخلاف في بعضهم بين تعديل حتى وإن مفسراً وتجريح حتى وإن غير مفسر أو عنعنات بعض مدلسيهم أو مرسليهم .
    ز ـ أما وجوب التوقف عن خبر المجهول وعن خبر المدلس المعنعن وعن خبر الفاسق
    فدليله قوله تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(الإسراء : 36)، أي لا تتبع لا تقتف ما ليس لك باستحقاقه الاقتفاء حجة ، وخبر المجهول ليس لنا باستحقاقه الاقتفاء حجة ، وكذلك خبر المدلس المعنعن ؛ لأنه مجهول ؛ لأن عنعنة المدلس لا يعرف آتصال هي أم انقطاع ؟ أسماع هي أم عدم سماع ؟ وكذلك خبر الفاسق من باب أولى .
    ح ـ وعلى وجوب التوقف عن خبر الفاسق
    يدل أيضا قوله تعالى : (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(الحجرات : 6)، أي بنبإ لا تعلمون هل هو صادق أم كاذب ، وإلا لم يكن للتبين معنى ، إنما يكون التبين لما ليس بمعلوم لا لما هو معلوم ، وإلا ففيم التبين إذن فيما نعلم أنه نبأ صادق أو فيما نعلم أنه نبأ كاذب ؟ ، والمعنى أيضاً فتوقفوا حتى تتبينوا ، وإلا لم يكن للتبين فائدة ، إنما نتبين لنصدق ما نتبين صدقه ونكذب ما نتبين كذبه ، ولا فائدة من التبين بعد أن نكون قد أصبنا قوماً بجهالة ناشئة عن المبادرة بلا تبيين إلى التفاعل مع الخبر تصديقاً وهو كاذب أو تكذيباً وهو صادق ، وإلا فما فائدة التبين إذن بعد أن نكون قد أصبنا قوما بجهالة صدقنا فيهم خبرا وهو كاذب أو كذبناه وهو صادق ؟ وهل يأمرنا القرآن بما لا فائدة منه ؟
    فالآية إذن تعنى رجلاً معروفاً بالكذب سابقاً ، يأتينا بخبر آخر لاحقاً ، كي لا نغتر بسابق علمنا بسوء سيرته فنكذب الخبر وربما كان فيه صادقاً .
    ط ـ وجل السياقات في كل الروايات تكاد توحي ، بأن أصل الصيغة رفع
    ، وأن الرواة ربما تصرفوا في النص فحذفوا جزئية الرفع ، ضناً بالصحابي أبي هريرة أن يصرحوا بدليل إثبات أنه مدلس ، كما في مسند أحمد ح24681 وسنن النسائي الكبرى ح 3000/3001 وغيرهما .
    ولذلك لم يجادل المتقدمون في أنه مرفوع ، بل أقروا برفعه ثم لجأوا إلى التوجيه . فقال بعضهم رجماً بالغيب إنه منسوخ ، أما الشافعي فحكم بشذوذه ، وبالتالي ببطلانه ، إذ قال :
    (أخذنا بحديث عائشة وأم سلمة زوجي النبي صلعم ، دون ما روى أبو هريرة عن رجل عن رسول الله صلعم لمعان : منها أنهما زوجتاه ، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل إنما يعرفه سماعاً أو خبراً ، ومنها أن عائشة مقدمة في الحفظ وأم سلمة حافظة ، ورواية اثنين أكثر من رواية واحد ومنها أن الذي روتاه المعروف في المعقول والأشبه بالسنن)انتهى كلام الشافعي ، منقولاً من تحقيق مسند أحمد ط . الرسالة عند ح8388 وهو الصواب .
    ي ـ ودعوى تدليس الصحابة ليست بدعاً من القول
    وقد مر بيان ابن حبان وابن كثير أنهم يدلسون بل وتقرير الذهبي بأن تدليساتهم كثيرة ولكن ذكرت الدليل ذكرى لعلها تنفع الذاكرين لأن هذا بات علماً مهجورا ظناً أن هجرانه نصرة للحق وسد لذرائع الريبة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
    رابعا : مناقشة الذهبي
    أ ـ أما قول الذهبي : (تدليس الصحابة لا عيب فيه)
    فإن قصد به حتى من دلس تدليسا نسب إلى النبي صلعم ما لم يقله فينقضه العيب الذي ترتب على تدليس أبي هريرة في حديث(من أصبح جنباً فلا صيام له)فقد تبين أنه خبر باطل نسبه إلى رسول الله صلعم الراوي الذي أسقطه أبو هريرة أو الذي أسقطه من أسقطه أبو هريرة من الإسناد . لكن لعل الذهبي يقصد نفي العيب الذي هو الطعن في عدالة الصحابي المدلس أو في حفظه مع تسليمه بالعيب الذي هو الطعن في مروياته المرفوعة التي لا يصرح فيها بالسماع من النبي صلعم .
    ب ـ وأما قوله : (إن تدليسهم عن صاحب أكبر منهم)
    فإنما يعنى به الغالب لا الكل فتدليسهم عن تابعي ممكن عقلاً وقد ادعى بعض وقوعه .
    1 ـ ففي جامع التحصيل قال العلائي ص36 : (القدر الذي رواه بعض الصحابة عن بعض التابعين نزر يسير جداً والأحاديث المرفوعة فيه نادرة والغالب الأكثر الأعم إنما هو رواية الصحابي عن مثله)اهـ .
    2 ـ ونقل ص 36 عن أبي إسحاق الإسفرائيني أنه قال : ( وجدنا لبعض الصحابة أحاديث حدثهم بها جماعة من التابعين فرووها عنهم وللخطيب البغدادي مصنف في ذلك )اهـ .
    3 ـ وقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله صلعم بيدي فقال : (خلق الله التربة يوم السبت . الحديث)لكن ذكر البخاري هذا الخبر في تاريخه الكبير في ترجمة أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري(1/1/413 ـ 414)فقال : " عن أبي هريرة عن النبي صلعم قال : (خلق الله التربة يوم السبت)وقال بعضهم : (عن أبي هريرة عن كعب)وهو أصح " .
    4 ـ وقد روى الترمذي وابن ماجه وابن حبان وأحمد والحاكم وصحح ووافقه الذهبي ثم الألباني خبر أبي هريرة عن النبي صلعم : (إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم . الحديث)فقال فيه ابن كثير في تفسيره سورة الكهف : (هذا قد روي عن كعب الأحبار . ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب فإنه كثيراً ما كان يجالسه ويحدثه فحدث به أبو هريرة فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه)انتهى ومن المعلوم أن كعباً ليس صحابياً .
    ج ـ إذن فحجة أن المحذوف في مرسل الصحابي في الغالب الأكثر الأعم صحابي ، حجة داحضة
    ؛ لأننا متعبدون بما تظهر صحته ، لا بما يحتمل الصحة والبطلان ، دون تفريق بين الاحتمالات شدة وضعفاً ؛ لأنه إذا تطرق الاحتمال بطل الاستدلال ، ضعف الاحتمال أو اشتد ، واحتمال أن يكون المحذوف من مرسل الصحابي غير صحابي احتمال ماثل ، وقد قرروا أن بعض الصحابة أرسل إلى النبي صلعم ما لم يسمعه منه ، إنما سمعه من تابعي ، أو سمع من تابعي حديثاً فحدث به عنه موقوفاً ، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه ( ) .
    د ـ ولا جرم أن الاستدلال بأن المحذوف في مراسيل الصحابة في الغالب الأكثر الأعم صحابي
    استدلال له اعتبار يجعلنا نميل إلى استثناء الصحابة المدلسين من شرط التصريح بالسماع ، لكن هذا الاعتبار له مجال محدود بحدوده ؛ لأننا لسنا متعبدين بكل ما هو محتمل ؛ بل متعبدون بحقيقة الحال إن أمكن إدراكها أو بظاهر الأمر إن تعذر إدراك حقيقة الحال .
    هـ ـ وإذا ثبت على صحابي مدلس أنه دلس على رسول الله ما لم يقله
    ، وأنه بالتالي قد أسقط راويا غير صحابي هو الذي نسب إلى رسول الله ما لم يقله ، فإن دعوى سماع هذا الصحابي المدلس للنبي صلعم في سائر ما عنعن فيه ليست من ظاهر العلم في شيء .
    1 ـ قال الخطيب في الكفاية ص364 : ( كما أن من عرف بالكذب في حديث واحد صار الكذب هو الظاهر من حاله ، وسقط العمل بجميع حديثه مع جواز كونه صادقا في بعضه ، فكذلك حال من عرف بالتدليس ولو بحديث واحد ) انتهى قول الخطيب .
    2 ـ وعلى منواله حذو القذة بالقذة يحق أن يقال : ( كما أن من عرف بالكذب في حديث واحد صار الكذب هو الظاهر من حاله وسقط العمل بجميع حديثه مع جواز كونه صادقا في بعضه ، فكذلك من عرف من الصحابة بأنه دلس على رسول الله ما لم يقله ولو في حديث واحد صار التدليس على رسول الله ما لم يقله هو الظاهر من حاله ، وسقط العمل بجميع حديثه المعنعن مع جواز كونه سامعا للنبي صلعم في بعضه .
    و ـ ومع ذلك وحتى لو كان من يسقطه الصحابي المدلس من الإسناد إنما هو صحابي
    على مذهب الجمهور في تعريف الصحبة والصحابي ، فإنه حينئذ مجهول لا تعلم عدالته وبيانه في الرد على ما يلي ، وفي سبيل الله ما سألقاه جراء الشهادة لله ولرسوله ولكتابه وللصحابة .@@@

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 12:46 am